ثمانية دراهم و من الحنطة درهمين و من
الشعير أقلّ من ذلك، فكان الخراج يبلغ مأئة و سبعون ألف ألف درهم، و كان مهمّة
الحكومة الاسلاميّة تحصيل هذا الخراج و حفظه و إيصاله إلى موارده و مصارفه، فكان
عمّال الخراج من عمد النظام في عالم الاسلام، و كان يعتمد على تقواهم و دينهم في
ذلك و قد نبّههم 7 على ذلك و حذّرهم من الخيانة و التسامح في أموال
المسلمين فابتدأ كلامه بقوله:
(فانّ من
لم يحذر ما هو سائر إليه، لم يقدّم لنفسه ما يحرزها) أشار إلى أنّ المسير
هو الموت و لقاء اللّه العالم بكلّ خفيّة و خائنة فمن اهتمّه أمر نفسه فلا بد من
الحذر من موارد الهلكة و العقاب، و نبّه على أنّ اشتغالهم بأمر الخراج لا بدّ و أن
يكون باعتبار إطاعة اللّه و وليّه فيما يلزم عليهم و يكون في عهدتهم لا
باعتبار ما ينالونه من الاجرة الماليّة في هذا العمل بما هو حلال لهم، فقال 7: (ما كلّفتم يسير و إنّ ثوابه كثير) و أكّد ذلك بقوله: (لو لم
يكن فيما نهى اللّه عنه من البغي و العدوان عقاب يخاف، لكان في ثواب اجتنابه ما لا
عذر في ترك طلبه).
ثمّ حرّضهم
على رعاية العدل و الانصاف في أخذ الخراج و إيصاله إلى
مصارفه، قال ابن هشام في سيرته (ص 239 ج 2 ط مصر): فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه
و آله كما حدّثني عبد اللّه بن أبي بكر- يبعث إلى أهل خيبر عبد اللّه بن رواحة
خارصا بين المسلمين و يهود فيخرص عليهم فاذا قالوا: تعدّيت علينا قال: إن شئتم
فلكم و إن شئتم فلنا فتقول يهود: بهذا قامت السماوات و الأرض.
ثمّ وصف
عمّال الخراج بألقاب شامخة ثلاثة:
1- جعلهم خزّان
الرّعيّة فيلزم عليهم رعاية الأمانة و ترك الخيانة.
2- جعلهم و كلاء
الامّة فلا بدّ لهم من رعاية العدالة و المصلحة في ما حوّل إليهم من أمر
الامّة.
3- جعلهم سفراء
الأئمّة فلا بدّ لهم من حفظ مقام سفارتهم برعاية الصحّة و الأمانة في ما تحت
أيديهم.
ثمّ نهاهم عن
إظهار الحشمة و الهيبة تجاه الناس ليمنعوهم عن إظهار حوائجهم