خلقتك و لا خلقت الجنّة و النّار و لا
السّماء و لا الأرض فايّاك أن تنظر إليهم بعين الحسد فاخرجك عن جواري فنظر إليهم
بعين الحسد و تمنى منزلتهم فتسلط عليه الشّيطان حتى أكل من الشّجرة التي نهى عنها
و تسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة بعين الحسد حتّى أكلت من الشّجرة كما أكل آدم،
فأخرجهما اللّه عن جنّته و أهبطهما عن جواره إلى الارض هذا.
و قال بعض
العارفين[1]: كما أنّ
لبدن الانسان غذاء من الحبوب و الفواكه، كذلك لروحه غذاء من العلوم و المعارف، و
كما أنّ لغذاء بدنه أشجارا تثمرها، فكذلك لروحه أشجار تثمرها و لكلّ صنف منه ما
يليق به من الغذاء، فانّ من الانسان من يغلب فيه حكم البدن على الرّوح، و منهم من
هو بالعكس، و لهم في ذلك درجات يتفاضل بها بعضهم على بعض، و لأهل الدّرجة العليا
كل ما لأهل الدرجة السّفلى و زيادة، و لكلّ فاكهة في العالم الجسماني مثال في
العالم الرّوحاني مناسب لها، و لهذا فسّرت الشّجرة تارة بشجرة الفواكه، و اخرى
بشجرة العلوم، و كان شجرة علم محمّد إشارة إلى المحبوبيّة الكاملة المثمرة لجميع
الكمالات الانسانية المقتضية للتوحيد المحمدي الذي هو الفناء في اللّه و البقاء
باللّه المشار إليه بقوله 6: لي مع اللّه وقت لا يسعني فيه
ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل، فان فيها من ثمار المعارف كلّها، و شجرة الكافور إشارة
إلى برد اليقين الموجب للطمأنينة الكاملة المستلزمة للخلق العظيم الذي كان لنبيّنا
6 و دونه لأهل بيته، فلا منافاة بين الرّوايات و لا بينها و
بين ما قالها أهل التأويل إنّها شجرة الهوى و الطبيعة لأنّ قربها إنّما يكون
بالهوى و الشهوة الطبيعية، و هذا معنى ما ورد أنّها شجرة الحسد: فانّ الحسد إنّما
ينشأ منها، انتهى.
و قد تلخّص
منه و من الرّوايات السّالفة أنّ آدم كما أكل من الشّجرة المنهية التي هي شجرة
الفاكهة في عالم الظاهر، فكذلك أكل في عالم الباطن و الحقيقة من الشجرة