هو أنّ الشّيطان لمّا اخرج من الجنّة لم
يقدر على الدّخول إليها بنفسه فأتي إلى جدار الجنّة و رأى الحيّة على أعلى الجدار،
فقال لها ادخلينى الجنّة و أعلّمك الاسم الأعظم، فقالت له: الملائكة تحرس الجنّة
فيرونك، فقال لها: ادخل في فمك و اطبقى علىّ حتّى أدخل، ففعلت، و من ثم صار السمّ
في أنيابها و في فمها لمكان جلوس ابليس فيه، فلمّا أدخلته قالت له: أين الاسم
الأعظم؟ فقال لها: لو كنت أعلمه لما احتجت إليك في الدّخول، فأتى إلى آدم و بدء به
فقال:
ما
نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ.
ان تناولتما
منها تعلمان الغيب و تقدران على ما يقدر عليه من خصّه اللّه بالقدرة.
و كان إبليس
بين لحيي الحيّة و كان آدم يظنّ أنّ الحية هي الّتي تخاطبه و لم يعلم أنّ ابليس قد
اختبي بين لحيي الحيّة فردّ آدم على الحيّة أنّ هذا من غرور إبليس كيف يخوننا
ربّنا أم كيف تعظمين اللّه بالقسم به و أنت تنسبينه إلى الخيانة و سوء الظنّ و هو
أكرم الأكرمين أم كيف أروم التّوصل إلى ما منعني منه ربي و أتعاطاه بغير حكمه،
فلمّا آيس إبليس من قبول آدم فأتى إلى حوّاء و خاطبها من حيث يوهمها هي التي
تخاطبها[1]، و قال: يا
حواء أرأيت هذه الشّجرة التي كان اللّه عزّ و جلّ حرّمها عليكما فقد أحلّها لكما
بعد تحريمها، لما عرف من حسن طاعتكما له و توقير كما إيّاه و ذلك أنّ الملائكة
الموكلين بالشّجرة الذين معهم الحراب يدفعون عنها ساير حيوانات الجنّة لا يدفعك
عنها إذ رمتها فاعلمي بذلك أنّه قد أحلّ لك و ابشري بأنك إن تناولتها قبل آدم كنت
أنت المسلطة عليه الآمرة النّاهية فوقها، فقالت حوّاء سوف اجرّب هذا فرامت فأرادت
الملائكة أن يدفعوها عنها بحرابها، فأوحى اللّه