محال، فلا بدّ من صرفها إلى المعهود
السّابق، و الجنّة التي هي المعهودة المعلومة بين المسلمين هي دار الثواب فوجب صرف
اللّفظ إليها.
القول
الرّابع إن الكلّ ممكن و الأدلة النّقلية ضعيفة و متعارضة، فوجب التوقّف و ترك
القطع و اللّه أعلم انتهى.
أقول: و
الأظهر من هذه الأقوال هو القول الأوّل، لقوّة أدلّته و إن كان يمكن تطرّق النّظر
إليها.
أمّا الأوّل
و الثّاني فلا مكان أن يقال: إنّ الخلود فيها و عدم الخروج إنّما يكون بعد استقرار
أهل الجنّة فيها للثّواب، و هو المستفاد من أدلّة الخلود، و أمّا قبل ذلك فلا دليل
عليه.
و أمّا
الثّالث فلما قيل: من أنّ إبليس لم يدخل في الجنّة بل وسوس لهما من وراء جدار
الجنّة أو من الأرض.
و فيه نظر
لأنّ المستفاد من ظاهر الآيات كون مخاطبته معهما مشافهة، كما أنّ الموجود في
أخبارنا دخوله إليها بوسيلة الحيّة حسبما يأتي الاشارة إليها.
و الأولى أن
يقال: هذا الدّليل على تقدير تسليمه جار على غير هذا القول أيضا و ذلك، لأنّ غضب
اللّه سبحانه كما هو مانع من دخول جنّة الخلد فكذلك مانع من دخول مطلق الجنّة و إن
لم تكن دار خلد، لأنّ الجنّتين كلتيهما مشتركتان في كونهما دار رحمة و قرب، فلا
يستحقّهما من غضب اللّه عليه و لعنه و طرده بقوله:
فَاخْرُجْ
مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ.
فان قيل:
فكيف التّوجيه بين ذلك و بين ما استظهرت من الآيات و دلت عليه الأخبار من دخوله في
الجنّة بتوسط الحيّة.
قلت: يمكن
التّوجيه بأن يقال: إنّه كان ممنوعا من دخولها بارزا بحيث يعرف، و قد دخلها مخفيّا
ليدليهما بغرور، و قد ورد ذلك في بعض الأخبار، أو يقال:
إنّ دخوله
فيه على وجه التّقرب و التنعّم مناف لكونه مغضوبا عليه، و أمّا الدّخول