حوله أربعة أجنحة امّا جناحان فعلى وجهه
مخافة أن ينظر الى العرش فيصعق و امّا جناحان فيلفون (فيهفون خل)[1]
بهما ليس لهم كلام إلّا التسبيح و التّحميد.
و في الأنوار
روى أنّ صنفا من الملائكة لهم ستّة أجنحة فجناحان يلفّون بهما أجسادهم و جناحان
يطيرون بهما في أمر من أمور اللّه و جناحان مرخيان على وجوههم حياء من اللّه و
حينئذ فكلّ جناحين لغرض مخصوص، و به يظهر فائدة الجناح الثّالث المشار اليه في
قوله سبحانه:
أُولِي
أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ.
ثمّ إن هذا
في جانب القلّة، و أمّا في جانب الكثرة فيزيد اللّه سبحانه فيهم ما يشاء و هو على
كلّ شيء قدير (مضروبة بينهم و بين من دونهم) من الملائكة أو
البشر أو الجنّ أو الأعمّ (حجب العزّة و أستار القدرة) المانعة عن
إدراك ذواتهم و الاطلاع على شئوناتهم.
و توضيحه
بالتّمثيل انّ ملوك الدّنيا إذا بلغوا في العزّ و العظمة مرتبة الغاية القصوى لا
يصل إلى حضور خواصّه فضلا عن ذاته إلّا الأوحدي من النّاس، و لا يراهم إلّا من كان
له معهم علقة شديدة و وسيلة قوية، و الحاجب عن ذلك ليس الا هيبة السّلطنة و قدرة
الملك و عظمته و إذا كان هذا حال خواص السّلطنة العارية و الملوك الذين هم في
الحقيقة مملوك، فشأن خواص الحضرة الرّبوبيّة و ملك الملوك أعلى و استناد الحايل عن
إدراك مقاماتهم و درجاتهم إلى حجب العزّة و أستار القدرة أحرى (و لا
يتوهمون ربّهم بالتّصوير) لكونهم منزّهين عن الادراكات الوهميّة و
الخيالية فى حق مبدئهم و خالقهم جلّت عظمته، لأنّ عقولهم صافية غير مشوبة
بالتّوهمات و التخيّلات (و لا يجرون عليه صفات المصنوعين، و لا يحدّونه
بالاماكن، و لا يشيرون اليه بالنظاير) لأنّ إجراء الصّفات و التّحديد بالأماكن و
الاشارة بالنّظاير إنما هو من مخترعات الواهمة و المتخيّلة المختصّتين بذوات
الأمزجة العنصرية الغير