و بهذا
التّقرير ظهر ضعف ما ذهب إليه العامة من حمل أولى الأمر على المتخلّفين الثّلاثة
كما ذهب إليه منهم طائفة، و حمله على امراء السّرايا كما ذهبت إليه طائفة اخرى، و
على علماء العامة كما هو مذهب طائفة ثالثة، ضرورة انتفاء العصمة عنهم جميعا مضافا
إلى عدم وجوب طاعة الامراء كالعلماء على نحو العموم باتّفاق منّا و منهم، و إنّما
طاعة الامرآء واجبة فيما تعلّق بإمارتهم، و طاعة العلماء كذلك في الأحكام
الشّرعيّة، على أن الامرآء كالعلماء ربّما يختلفون في الآراء، ففي طاعة بعضهم
عصيان بعض، و إذا أطاع المؤمن بعضهم عصى الآخر لا محالة هذا.
و ذهب
النّاصب فخر المشكّكين إلى أنّ المراد بأولى الأمر أهل الحلّ و العقد و أنّ الآية
دالة على أنّ اجماع الامة حجّة حيث قال بعد ما أثبت دلالة الآية على وجوب عصمة
اولى الأمر بمثل ما أثبتناه ما هو صريح عبارته: فثبت قطعا أنّ اولى الأمر المذكور
في هذه الآية لا بدّ و أن يكون معصوما قطعا، ثمّ نقول: ذلك المعصوم إمّا مجموع
الامة أو بعض الامة لا جايز أن يكون بعض الامة لأنّا بيّنا أن اللّه تعالى أوجب
طاعة اولى الأمر في هذه الآية قطعا، و ايجاب طاعتهم قطعا مشروط بكوننا عارفين بهم
قادرين على الوصول إليهم و الاستفادة منهم، و نحن نعلم بالضّرورة أنّا في زماننا
هذا عاجزون عن معرفة الامام المعصوم، عاجزون عن الوصول إليهم عاجزون عن استفادة
الدين و العلم منهم، و إذا كان الأمر كذلك علمنا أنّ المعصوم الذي أمر اللّه
المؤمنين بطاعته ليس بعضا من أبعاض الامة، و لا طائفة من طوايفهم، و لما بطل هذا
وجب أن يكون ذلك المعصوم الذي هو المراد بقوله و اولى الأمر أهل الحلّ و العقد من
الامة و ذلك يوجب القطع بأنّ اجماع الامة حجّة.
ثمّ إنّه بعد
طائفة من الكلام في النقض و الابرام في ذلك المرام قال:
و أمّا حمل
الآية على ما تقوله الرّوافض ففي غاية البعد لوجوه.
أحدها ما
ذكرناه أنّ طاعتهم مشروطة بمعرفتهم و قدرة الوصول إليهم، فلو أوجب علينا طاعتهم
قبل معرفتهم كان هذا تكليف ما لا يطاق، و لو أوجب علينا طاعتهم