لمنع إفادتها الحصر إذ قول اللغوى الواحد
معتبر في باب الأوضاع فضلا عن الشّهرة المحصّلة و الاتفاقات المحكيّة مضافا إلى
الأدلة التي استدلوا بها في كتب الاصول و البيان و النّحو و غيرها.
و امّا
الآيتان اللتان استدل بهما ففيهما أولا منع عدم إفادتهما الحصر فيهما و لو
بالتّأويل القريب يشهد بذلك وقوع كلمة ما و إلّا عوضها فى الآية الاخرى و هو قوله:
إذ لا خلاف
فى افادتها للحصر و ثانيا سلّمنا ذلك إلّا أنّهما لا تثبتان الدّعوى لكونهما أخصّ
من المدّعى حسبما أشرنا إليه سابقا و ثالثا أن الاستعمال أعمّ من الحقيقة، و
المجاز خير من الاشتراك، فقد تحصّل ممّا ذكرنا كله أنّها حقيقة فى الحصر فتكون
مجازا في غيره فبطل القول بكونه حقيقة في الثّاني كما حكى عن الامدى و أبى حيان و
غيرهما، و القول بكونها مشتركة بينهما بالاشتراك اللفظى كما هو محتمل كلام الفيومى
فى المصباح، و تفصيل الكلام زيادة عن ذلك فليطلب من مواضعه.
و أمّا الوجه
الثّاني ففيه أنّ جعل المؤمنين على قسمين أحدهما الناصرون و الآخر المنصورون لا
يسمن و لا يغنى من جوع بيان ذلك أنّ كلمة إنّما مفيدة للحصر و مقتضية لاثبات
الولاية للّه و لرسوله و للمؤمنين الموصوفين نافية لها عمّن سواهم، فمقتضى الآية
بحكم أداة الحصر هو اختصاص الولاية لهؤلاء الثلاثة و هو إنّما يتمّ لو جعل المراد
بالآية الأولى بالتّصرف بخلاف ما لو اريد بها النّصرة، ضرورة عدم اختصاص النصرة
بهم بل يعمهم و غيرهم من المؤمنين الغير الموصوفين بالصّفة المذكورة لحصولها منهم
و من غيرهم و حينئذ فلا يكون للحصر فايدة و هذا معنى قولنا: إنّ الولاية بمعنى
النصرة عامة من حيث عدم اختصاصها بالمؤمنين المتّصفين بايتاء الزّكاة فى حال
الرّكوع و ليس معناه أنها عامة لجميع المؤمنين حتّى يعترض عليه بجعلهم على قسمين و
تخصيصها بأحد القسمين كما توهمه الناصب.