بعد ما اختار اللّه سبحانه له 6، لقائه فمنع المكلفون على أنفسهم اللّطف بسوء اختيارهم، و غيّروا كتاب
اللّه و نبذوه وراء ظهورهم كما تركوا العترة و صاروا سببا لاعتزالهم و تشريدهم إلى
أن انتهى الأمر إلى الغيبة الكبرى، فكما أنّ غيبة الامام 7 و اعتزال
الأئمة و قصور اليد عن التمسّك بهم و أخذ الأحكام عنهم النّاشي من سوء فعل
المكلفين لا منافاة له مع أمر النّبي 6 بالتمسّك، فكذلك قصور
اليد عن اتّباع القرآن المنزل على ما هو عليه لا ينافي أمر النّبي 6 باتّباعه و التّمسك به، بل نقول: إنّ أمره 6 لم يكن
إلّا لأجل أن لا يفعلوا في كتاب اللّه ما فعلوه، و أن لا يقصروا في حقّ الآل على
ما قصّروا.
و أمّا
الطائفة الثّانية فلا دلالة فيها أيضا، لأنا نقول: إنّ الأئمة : إنّما
أمرونا بالرّجوع إلى هذا الكتاب الموجود بأيدينا مع ما هو عليه من التّحريف و
النّقصان لأجل التقية و الخوف على أنفسهم و شيعتهم، فيكون ما استفدناه حكما ظاهريا
بالنسبة الينا فافهم[1] و ثانيا
أن يجاب عنه بما ذكره في الصّافي، فانّه بعد نقله كلام الشّيخ الذي حكيناه قال:
أقول: يكفي في وجوده في كلّ عصر وجوده جميعا كما أنزل اللّه محفوظا عند اللّه و
وجود ما احتجنا إليه منه عندنا و إن لم نقدر على الباقي، كما أن الامام كذلك فان
الثقلين سيان في ذلك انتهى.
و أورد عليه
المحقّق الكاظمي (ره) بأنّ التمسّك بهم عبارة عن موالاتهم و سلوك طريقتهم، و ذلك ممكن
مع الغيبة للعلم بهم، و هذا بخلاف التمسّك بالقرآن فانّه إنّما يتحقّق بالأخذ و
الاطلاع عليه، فقد بان الفرق و اتّضح الأمر انتهى أقول: و الانصاف أنّه إن اريد
بلفظ تمسّكتم في الرّواية، التمسّك التّفصيلي بأن يتمكن من الرّجوع الى المتمسّك
به و يؤخذ عنه الأحكام مهما اريد، فهو غير ممكن في حال الغيبة الكبرى، لظهور
انسداد باب العلم فيه، مع أنّ انفتاحه في
[1] اشارة الى ان حمل الاخبار على الورود على عنوان التقية بعيد
فى الغاية عن سياق اخبار العرض و انما يتمشى فى اخبار التمسك و الاتباع فتدبر، منه