و فيه أنّ
كون أصل القرآن الذي نزل به الرّوح الأمين على خاتم النّبيين 6 محفوظا عند الأئمة الذين هم خزّان علم اللّه و كهوف كتبه، يكفي في صدق الآية و
لا دلالة فيها على كون ما بأيدينا محفوظا كما لا يخفى، مضافا إلى احتمال أن يكون
المراد أنّه سبحانه يحفظه إلى آخر الدّهر بأن بعث جماعة يحفظونه و يدرسونه و
يشتهرونه بين الخلق، فتحفظه الامة و تناولته الأيدى قرنا بعد قرن إلى يوم القيامة
لقيام الحجّة به على الخلق و كونه معجزة النّبوة.
هذا كله بعد
الغضّ عن رجوع الضّمير في له إلى النّبيّ 6، و إلّا كما ذهب
إليه الفرّاء فيسقط الاستدلال رأسا، قال ابن الانباري لما ذكر اللّه الانزال و
المنزل و المنزل دلّ ذلك على المنزل عليه، فحسنت الكناية عنه لكونه أمرا معلوما
كما في قوله:
إِنَّا
أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فانّ عود الضّمير إلى القرآن مع عدم تقدّم
ذكره لكونه معلوما من المقام
الخامس
الأخبار الدّالة على وجوب التّمسّك بالقرآن و الآمرة بالرّجوع إليه
كحديث
الثقلين المتواتر بين الفريقين و نحوه، و الأخبار المفيدة بعرض الأخبار المتعارضة
عليه، مثل مقبولة عمر بن حنظلة و فيها: فما وافق حكمه حكم الكتاب و السّنة و خالف
العامة فيؤخذ به و يترك ما خالف حكمه حكم الكتاب و السنّة و وافق العامة.
و ما رواه
السّكوني عن أبي عبد اللّه 7، قال: قال رسول اللّه 6: إنّ على كلّ حقّ حقيقة و على كلّ صواب نورا فما وافق كتاب اللّه فخذوه و ما
خالف كتاب اللّه فدعوه.
و ما رواه
عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه، قال: قال الصّادق 7: إذا ورد عليكم
حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب اللّه، فما وافق كتاب اللّه فخذوه، و ما خالف
كتاب اللّه فردّوه إلى غير هذه ممّا هي قريبة من التواتر أو متواترة.