حجّهم في شهر ذي الحجّة فقال الآن دار
الزّمان كما كان فلا يجوز لأحد تغييره و لا تبديله انتهى.
و كيف كان
فقد كان مولده على مذهب الشّيعة اليوم السّابع عشر من شهر ربيع الأوّل و بعث
للرّسالة يوم السّابع و العشرين من رجب و له حينئذ أربعون سنة (و) قد كان (أهل
الأرض يومئذ) أى يوم بعثه و تصديعه بالرّسالة ذي (ملل) و شرايع (متفرّقة
و أهواء) أى آراء (منتشرة و طرائق) أى مسالك (متشتتة) و متفرّقة و
مذاهب مختلفة (بين مشبّه للّه بخلقه، او ملحد في اسمه، أو مشير إلى غيره).
قال الشّارح
المعتزلي: إنّ العلماء يذكرون أنّ النّبيّ 6 بعث و النّاس
أصناف شتّى في أديانهم، يهود و نصارى و مجوس و صابئون و عبدة أصنام و فلاسفة و
زنادقة، فأمّا الامة التي بعث فيها محمّد 6 فهم العرب و كانوا
أصنافا شتى، فمنهم معطلة، و منهم غير معطلة، فأمّا المعطلة منهم فبعضهم أنكر
الخالق و البعث و الاعادة و قالوا: ما قال القرآن العزيز منهم:
ما هِيَ
إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَ نَحْيا وَ ما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ فجعلوا
الجامع لهم الطبع و المهلك الدّهر، و بعضهم اعترف بالخالق سبحانه و أنكر البعث، و
هم الذين أخبر سبحانه عنهم بقوله:
قالَ مَنْ
يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ و منهم من أقرّوا بالخالق و نوع من الاعادة،
و أنكروا الرّسل و عبدوا الأصنام و زعموا أنّها شفعاء عند اللّه في الآخرة و حجّوا
لها و نحروا لها الهدى و قرّبوا لها القربان و حلّلوا و حرّموا، و هم جمهور العرب،
و هم الذين قال اللّه تعالى عنهم:
وَ قالُوا
ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَ يَمْشِي فِي الْأَسْواقِ و كانوا في
عبادة الأصنام مختلفين، فمنهم من يجعلها مشاركة للباري جلّ اسمه و يطلق عليها لفظ
الشّريك، و منهم من لا يطلق عليها لفظ الشّريك و يجعلها وسائل