لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ
مِنْهاجاً و قال:
شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً
ثمّ إنّ الحجة قد تطلق و يراد بها الكتاب، و قد تطلق على الامام المعصوم الذي يكون
مقتدى للخلائق يأتمّون به و يتعلّمون منه سبيل الهدى و طريق التقوى، نبيّا كان أو
وصيّا، و هو المراد منها فيما رواه في الكافي باسناده عن أبي اسحاق عمّن يثق به من
أصحاب أمير المؤمنين، أنّ أمير المؤمنين 7 قال: اللّهمّ إنّك لا تخلي
أرضك من حجّة لك على خلقك، يعني أنّك بلطفك و جودك على عبادك لا تخلي أرضك من حجّة
لك عليهم ليهتدوا به سبيلك، و يسلكوا به سبيل قربك و رحمتك، و ينجو به عن معصيتك و
عقابك.
و قد تطلق و
يراد بها العقل، فانّه حجة للّه على النّاس في الباطن كما أن النبي و الامام حجة
في الظاهر، و قد وردت به الأخبار المستفيضة عن أئمّتنا :.
إذا عرفت ذلك
فنقول: الظاهر بل المتعين أنّ المراد بهاهنا هو الامام المعصوم أعني الوصيّ
بخصوصه، لعدم إمكان إرادة النبيّ و الكتاب لسبق ذكرهما و عدم امكان إرادة العقل
لأنّ حجّيته منحصرة في المستقلّات العقليّة لا مجال له في غيرها، فلا يعرف الحقّ
من الباطل في الامور الّتي عجزت عن إدراكها عقول البشر بأفكارها، و إنّما يعرفها
الامام بنور الالهام فلا يتمّ اللّطف منه تعالى على خلقه بعد النّبيّ 6 إلّا بوجوده 7 فيهم.
و بذلك ظهر
فساد ما توهّمه الشّارح المعتزلي من جعله الحجة في العبارة حجة العقل حيث قال: و
منها أن يقال إلى ما ذا يشير 7 بقوله أو حجّة لازمة، هل هو إشارة إلى
ما يقوله الاماميّة من أنّه لا بدّ في كلّ زمان من وجود إمام معصوم، الجواب أنهم
يفسرون هذه اللّفظة بذلك، و يمكن أن يكون المراد بها حجة العقل انتهى.
وجه الفساد
ما ذكرنا، و نزيد توضيحا و نقول: إنّ للّه سبحانه حجّتين: