خلقه حكماء مؤدّين بالحكمة مبعوثين بها
غير مشاركين للنّاس على مشاركتهم لهم في الخلق و التركيب في شيء[1]
من أحوالهم، مؤيّدين عند الحكيم العليم بالحكمة، ثمّ ثبت ذلك في كلّ دهر و زمان
ممّا أتت به الرّسل و الأنبياء من الدّلائل و البراهين لكيلا يخلو أرض اللّه من
حجة يكون معه علم يدلّ على صدق مقالته و جواز عدالته هذا.
و قال بعض
شرّاح الكافي في شرح قوله 7: ثمّ ثبت ذلك في كلّ دهر و زمان ممّا أتت
به الرّسل و الأنبياء من الدلائل و البراهين: يعني أنّه ثبت وجود النبيّ في كلّ
وقت من جهة ما أتوابه من المعجزات و خوارق العادات، كأنّ قائلا يقول: إنّ الذي
ذكرته من البرهان قد دلّ على حاجة النّاس في كلّ زمان بوجود النبيّ، و أنّه يجب من
اللّه بعثه الرّسل و الأنبياء و إرسالهم، و لكن من أى سبيل تعلم النّاس النبي و
يصدق بنبوّته و رسالته، فأجيب بأنّه ثبت ذلك عليهم بمشاهدة ما أتت به الرّسل و
النّبيون من الدّلائل و البراهين، يعني المعجزات الظاهرة منهم، و هي المراد هاهنا
بالدّلائل و البراهين إذ النّاس لا يذعنون إلّا بما يشاهدونه و قوله 7:
لكيلا يخلو أرض اللّه من حجة يكون معه علم يدلّ على صدق مقالته و جواز عدالته
تعليل متعلق بقوله: ثمّ ثبت ذلك فيكلّ دهر، و وجه التعليل أنّ ما دامت الأرض باقية
و النّاس موجودون فيها فلا بدّ لهم من حجّة للّه عليهم يقوم بأمرهم و يهديهم إلى
سبيل الرّشاد و حسن المعاد، و هو الحجة الظاهرة و لا بدّ أن يكون معه علم باللّه و
آياته يدل على صدق مقالته و دعوته للنّاس و على جريان حكمه عليهم و جواز عدالته
فيهم، و هو الحجة الباطنة انتهى.
و به ظهر
الوجه في عدم إخلائه سبحانه خلقه من نبيّ مرسل على ما صرّح به الامام 7، كما ظهر وجه قوله 7: (أو حجّة لازمة) أى لازمة
على الخلق (أو محجّة قائمة) أى طريقة عدل يقفون عليها و لا يميلون عنها
يمينا و يسارا، و المراد بها هنا هي الشريعة كما قال سبحانه: