و يزيده
إيضاحا من لفظه ليكون أبلغ من التّأويل و يظهر من قوله عقمنى و العقيم الذي لا
يولد له و الذي يولد من السّفاح لا يكون ولدا، فقد بان بهذه أنّه كان يعدّ اشتغاله
في وقت ما بما هو ضرورة للأبدان معصية و يستغفر اللّه منها.
و على هذا
فقس البواقي و كلّما يرد عليك من أمثالها، و هذا معنى شريف يكشف بمدلوله حجاب
الشبه و يهدي به اللّه من حسر عن بصره و بصيرته رين العمى و العمه، و ليت السّيد
(ره) كان حيّا لأهدي هذه العقيلة إليه و أجلو عرايسها عليه، فما أظنّ أنّ هذا
المعنى اتّضح من لفظ الدعاء لغيري، و لا أنّ أحدا سار في ايضاح مشكله و فتح مقفّله
مثل سيري. و قد ينتج الخاطر العقيم فيأتي بالعجائب، و قديما ما قيل: مع الخواطي
سهم صائب انتهى كلامه رفع مقامه.
و قد اقتفى
أثره القاضى ناصر الدّين البيضاوى في شرح المصابيح عند شرح قوله 6: إنّه ليغان على قلبي و إنّي لأستغفر اللّه في اليوم مأئة مرّة، قال: الغين
لغة في الغيم و غان على كذا اى غطى، قال أبو عبيدة في معنى الحديث أى يتغشى قلبي
ما يلبسه، و قد بلغنا عن الاصمعى أنّه سئل عن هذا، فقال للسائل: عن قلب من تروى
هذا؟ فقال: عن قلب النّبي 6، فقال: لو كان غير قلب النبي 6، لكنت افسره لك، قال القاضي و للّه درّ الاصمعى في انتهاجه منهج
الأدب و إجلاله القلب الذي جعله اللّه موقع وحيه و منزل تنزيله.
ثمّ قال:
لمّا كان قلب النبي 6 أتمّ القلوب صفاء و أكثرها ضياء و
أعرفها عرفانا و كان 6 معنيا[1]
مع ذلك بتأسيس الملّة و تشريع السّنة ميسرا غير معسر، لم يكن له بدّ من النّزول
إلى الرّخص و الالتفات إلى حظوظ النّفس مع ما كان ممتحنا به من أحكام البشرية،
فكان إذا تعاطى شيئا من ذلك أسرعت كدورة إلى القلب لكمال رقّته و فرط نورانيّته،
فانّ الشّيء كلّما كان أرقّ و أصفى كان ورود