ذلك على وجه الرّجوع إلى فعله، و على هذا
يحمل توبة الأنبياء فى جميع ما نطق به القرآن و قد أجيب عن استغفار النّبيّ و
الأئمة : و توبتهم مضافا إلى ما مرّ بوجوه خاصّة أحدها أنّه لتعليم
الأمة و تأديبهم و تنبيههم على كيفيّة الاقرار و الاعتراف بالتقصير و الذنوب و
الاستغفار و التّوبة الثاني أنّه من قبيل التّواضع و الاعتراف بالعبودية و أنّ
البشر مظنّة التقصير الثّالث أنّ الاعتراف بالذّنوب و الاستغفار منها إنّما هو على
تقدير وقوعها، و المعنى إن صدر منّي شيء من هذه الامور فاغفره لي، و قد تقرّر
أنّه لا يلزم من صدق الشّرطيّة صدق كلّ واحد من جزئيها الرّابع أنّهم يتكلمون على
لسان أمّتهم و رعيّتهم، فاعترافهم بالذّنوب اعتراف بذنوب امّتهم، لأنّ كلّ راع
مسئول عن رعيّته و إنّما أضافوا الذّنوب إلى أنفسهم المقدسة للاتّصال و السّبب، و
لا سبب أوكد ممّا بين الرّسول أو الامام 7 و بين امّته و رعيّته، ألا
ترى أنّ رئيس القوم إذا وقع من قومه هفوة أو تقصير قام هو في الاعتذار منهم و نسب
ذلك إلى نفسه و إذا اريد عتابهم و توبيخهم وجّه الكلام إليه دون غيره منهم، و إن
لم يفعل هو ذلك بل و لا شهده و هذا في الاستعمال معروف أقول: و يؤيّد هذا الوجه ما
رواه القمّي عن الصّادق 7 في قوله تعالى:
لِيَغْفِرَ
لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ قال 7: و
اللّه ما كان له ذنب و لا همّ بذنب، و لكنّ اللّه حمله ذنوب شيعته ثمّ غفرها و في
المجمع عنه أنّه سئل عنها، فقال 7: و اللّه ما كان له ذنب، و لكنّ
اللّه سبحانه ضمن له أن يغفر ذنوب شيعة علي ما تقدّم من ذنبهم و ما تأخّر، قال بعض
أهل المعرفة:
قد ثبت عصمته
فلم يبق لاضافة الذّنب إليه إلّا أن يكون هو المخاطب و المراد امّته كما قيل:
إيّاك أدعو و اسمعي يا جاره