إنّ اللّه تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل
الأجساد بألفي عام، فجعل أعلاها و أشرفها أرواح محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و
الحسين و الأئمة من بعدهم صلوات اللّه عليهم فعرضها على السّماوات و الأرض و
الجبال، فغشيها نورهم فقال اللّه تبارك و تعالى للسماوات و الأرض و الجبال: هؤلاء
أحبّائي و أوليائي و حججي على خلقي و أئمة بريّتي، ما خلقت خلقا هو أحبّ إلىّ منهم
و لهم و لمن تولّاهم خلقت جنّتي، و لمن خالفهم و عاداهم خلقت ناري، فمن ادّعى
منزلتهم منّي و محلّهم من عظمتي عذّبته عذابا لا اعذبه احدا من العالمين، و جعلته
مع المشركين في أسفل درك من ناري و من أقرّ بولايتهم و لم يدّع منزلتهم منّي و
مكانهم من عظمتي جعلته معهم (معى خل) في روضات جناني و كان لهم فيها ما يشاءون
عندي، و أبحتهم كرامتي و أحللتهم جواري و شفعتهم في المذنبين من عبادي و إمائي،
فولايتهم أمانة عند خلقي فأيّكم يحملها بأثقالها و يدّعيها لنفسه دون خيرتي فأبت
السّماوات و الأرض و الجبال أن يحملنها و أشفقن من ادّعاء منزلتها و تمنّى محلّها
من عظمة ربّها، فلمّا أسكن اللّه آدم و زوجته الجنّة قال لهما:
كُلا
مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ.
يعني شجرة
الحنطة فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ.
فنظرا إلى
منزلة محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من بعدهم :
فوجداها أشرف منازل أهل الجنّة فقالا: يا ربّنا لمن هذه المنزلة؟ فقال اللّه جلّ
جلاله: ارفعا رؤوسكما إلى ساق عرشي فرفعا رؤوسهما فوجدا اسم محمّد و عليّ و فاطمة
و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم صلوات اللّه عليهم مكتوبا على ساق العرش بنور من
نور الجبّار جل جلاله، فقالا: يا ربّنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك، و ما أحبّهم
إليك و ما أشرفهم لديك؟ فقال اللّه جلّ جلاله: لولاهم ما خلقتكما فهؤلاء خزنة علمي
و امنائي على سرّي إيّاكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد و تتمنيا منزلتهم