فانّهم و إن لم يقرّوا بذلك إلّا أنّه
لازم كلامهم نظرا إلى أنّ المذنب لا يكون نبيّا كما عرفت في الفصل السّابق، اقتضى[1]
الحال و المقام أن يعقّبه بما يوجب دفع ذلك التّوهم و ينبه على أنّ صدور ذلك لم
يوجب انحطاط رتبته بحيث يسلبه التّوفيق و الألطاف الخفيّة بالكلّية، و يكون موجبا
للخذلان و الحرمان فعقّبه من دون فصل بما أفاد كونه مجتبى و مرتضى، و أن صدور ذلك
الفعل لم يسقطه عن الاستعداد و القابليّة للعناية الرّبانية، كما قدم الاجتباء على
التّوبة لذلك السر أيضا و هو زيادة إشعاره بدفع ذلك التّوهم فاقتضى الحال تقديمه و
أمّا سورة البقرة فقد جرت الحكاية فيها على ما هو الأصل فيها من المطابقة للمحكى،
و هذا السّر ممّا لم يسبق إليه أحد غيرى من العلماء و المفسرين و اللّه العالم.
و أمّا
الدّليل على تقدّم الاهباط على التّوبة فهو الأخبار الكثيرة منها ما رواه عليّ بن
إبراهيم القمّي في تفسيره عن الصّادق 7 قال: فاهبط آدم على الصفا، و
إنّما سميت الصفا لأنّ صفوة اللّه نزل عليها و نزلت الحوّاء على المروة «و انما
سميت المروة ظ» لأنّ المرأة نزلت عليها، فبقي آدم أربعين صباحا ساجدا يبكي على
الجنّة فنزل عليه جبرئيل فقال يا آدم: ألم يخلقك اللّه بيده و نفخ فيك من روحه و
أسجد لك ملائكته؟ قال: بلى، قال: و أمرك أن لا تأكل من الشّجرة فلم عصيته؟ قال: يا
جبرئيل إنّ إبليس حلف لي باللّه انه لي ناصح و ما ظننت أن أحدا من خلقه يحلف
باللّه عزّ و جل كاذبا، فقال له جبرئيل: يا آدم تب إلى اللّه.
و منها ما
رواه أيضا باسناده عنه 7، قال: إنّ آدم بقي على الصّفا أربعين صباحا
ساجدا يبكي على الجنّة، و على خروجه من جوار اللّه عزّ و جلّ، فنزل جبرئيل فقال:
يا آدم مالك
تبكي؟ فقال: يا جبرئيل ما لي لا أبكي و قد أخرجني اللّه من جواره و أهبطني إلى
الدّنيا، فقال: يا آدم تب إليه الحديث و يأتي بتمامه إنشاء اللّه في أواخر الخطبة[2] عند شرح اعلام الحجّ و منها ما رواه
في البحار عن معاني الأخبار عن العجلي عن ابن زكريّا القطان عن ابن حبيب عن ابن
بهلول عن محمّد بن سنان عن المفضّل قال: قال أبو عبد اللّه 7