الثاني أنّه كان عمدا من آدم و كان ذلك
كبيرة و كان آدم نبيّا في ذلك الوقت و هو مذهب الفضلية من الخوارج خذلهم اللّه.
الثالث ما
عزاه الفخر الرازي إلى أكثر المعتزلة، و هو أنّه أقدم على الأكل بسبب اجتهاد أخطأ
فيه، و ذلك لا يقتضي كون الذّنب كبيرة، بيان الاجتهاد و الخطاء أنّه لمّا قيل له و
لا تقربا هذه الشّجرة فلفظة هذه قد يراد بها الشّخص، و قد يشار بها إلى النّوع،
فلمّا سمع آدم قوله: و لا تقربا هذه الشّجرة، ظنّ آدم أنّ المراد بها الشّجرة
المشخّصة المعينة. فترك الأكل منها و تناول من شجرة اخرى من نوعها إلّا انّه كان
مخطئا في ذلك الاجتهاد، لأنّ مراده سبحانه من كلمة هذه كان النّوع لا الشّخص، و
الخطاء في الفروع إذا كان خطاء لا يوجب استحقاق العقاب، لاحتمال كونه صغيرة مغفورة
كما في شرعنا أقول: و مثل هذه المقالة قد ورد في بعض أخبارنا، و هو ما رواه
الصّدوق في العيون كالطبرسي في الاحتجاج عن عليّ بن محمّد بن الجهم، قال حضرت مجلس
المأمون و عنده الرضا 7، فقال له المأمون: يابن رسول اللّه أليس من
قولك إنّ الأنبياء معصومون؟ قال: بلى، فقال: ما معنى قول اللّه عزّ و جلّ:
وَ عَصى
آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى.
فقال 7: إنّ اللّه تبارك و تعالى قال لآدم اسْكُنْ أَنْتَ وَ
زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ
الشَّجَرَةَ.
و أشار لهما
إلى شجرة الحنطة فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ.
و لم يقل
لهما لا تأكلا من هذه الشّجرة و لا ممّا كان من جنسها فلم يقربا تلك الشجرة و
إنّما أكلا من غيرها لما أن وسوس الشّيطان إليهما و قال: إنّما نهيكما