و علانيتكم، و لا تخالف ألسنتكم قلوبكم
فافعلوا عصمنا اللّه و إيّاكم بالهدى، و سلك بنا و بكم المحجّة الوسطى.
و إيّاكم و
دعوة الكذاب ابن هند، و تأمّلوا، و اعلموا أنّه لا سوى إمام الهدى و إمام الرّدى،
و وصيّ النّبي و عدوّ النّبي، جعلنا اللّه و إيّاكم ممّن يحبّ و يرضى، و لقد سمعت
رسول اللّه 6 يقول: إنّي لا أخاف على امّتي مؤمنا و لا مشركا:
أمّا المؤمن فيمنعه اللّه بايمانه، و أمّا المشرك فيحرمنّه اللّه بشركه و لكنّي
أخاف عليهم كلّ منافق اللسان يقول ما يعرفون و يفعل ما ينكرون.
و اعلم يا
محمّد أنّ أفضل الفقه الورع في دين اللّه و العمل بطاعته فعليك بتقوى اللّه في سرّ
أمرك و علانيتك، و اوصيك بسبع هنّ جوامع الإسلام: اخش اللّه و لا تخش الناس في
اللّه، و خير القول ما صدّقه العمل، و لا تقض في أمر واحد بقضائين مختلفين فيتناقض
أمرك و تزيغ عن الحقّ، و أحبّ لعامّة رعيّتك ما تحبّه لنفسك و اكره لهم ما تكره
لنفسك، و اصلح أحوال رعيّتك، و خض الغمرات إلى الحقّ و لا تخف لومة لائم، و انصح
لمن استشارك، و اجعل نفسك اسوة لقريب المسلمين و بعيدهم. جعل اللّه خلّتنا و ديننا
خلّة المتّقين و ودّ المخلصين، و جمع بيننا و بينكم في دار الرّضوان إخوانا على
سرر متقابلين إن شاء اللّه.
قال أبو
إسحاق إبراهيم: فحدّثنى عبد اللّه بن محمّد بن عثمان عن عليّ بن محمّد ابن أبي سيف
عن أصحابه أنّ عليا 7 لما كتب إلى محمّد بن أبي بكر هذا الكتاب كان
ينظر فيه و يتأدّب به فلمّا ظهر عليه عمرو بن العاص و قتله أخذ كتبه أجمع فبعث بها
إلى معاوية فكان معاوية ينظر في هذا الكتاب و يتعجّب منه، فقال الوليد ابن عقبة و
هو عند معاوية و قد رأى إعجابه به: مر بهذه الأحاديث أن تحرق، فقال معاوية: مه!
فإنّه لا رأى لك، فقال الوليد أ فمن الرأى أن يعلم النّاس أنّ أحاديث أبي تراب
عندك تتعلّم منها؟ قال معاوية: ويحك أ تأمرني أن أحرق علما مثل هذا و اللّه ما
سمعت بعلم هو أجمع منه و لا أحكم، فقال الوليد إن كنت تعجب من علمه و قضائه فعلام
تقاتله؟ فقال: لو لا إنّ أبا تراب قتل عثمان ثمّ أفتانا