لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ
الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ. سكنوا الدّنيا
بأفضل ما سكنت و أكلوها بأفضل ما أكلت، شاركوا أهل الدّنيا في دنياهم، يأكلون من أفضل
ما يأكلون، و يشربون من أفضل ما يشربون، و يلبسون من أفضل ما يلبسون و يسكنون من
أفضل ما يسكنون، أصابوا لذّة أهل الدّنيا مع أهل الدّنيا مع أنّهم غدا من جيران
اللّه عزّ و جلّ يتمنّون عليه، لا يردّ لهم دعوة و لا ينقص لهم لذة، أما في هذا ما
يشتاق إليه من كان له عقل.
و اعلموا
عباد اللّه أنّكم إن اتّقيتم ربّكم، و حفظتم نبيّكم في أهل بيته فقد عبدتموه بأفضل
ما عبد، و ذكرتموه بأفضل ما ذكر، و شكرتموه بأفضل ما شكر و أخذتم بأفضل الصبر، و
جاهدتم بأفضل الجهاد، و إن كان غيركم أطول صلاة منكم، و أكثر صياما إذا كنتم أتقى للّه
و أنصح لأولياء اللّه من آل محمّد 6 و أخشع.
و احذروا
عباد اللّه الموت و نزوله، و خذوا له فإنه يدخله بأمر عظيم: خير لا يكون معه شرّ
أبدا، و شرّ لا يكون معه خير أبدا، ليس أحد من النّاس تفارق روحه جسده حتّى يعلم
إلى أىّ المنزلتين يصير: إلى الجنّة أم إلى النّار؟ أعدوّ هو للّه أم ولىّ له فان
كان وليا فتحت له أبواب الجنّة، و شرع له طريقها، و نظر إلى ما أعدّ اللّه عزّ و
جلّ لأوليائه فيها، فرغ من كل شغل، و وضع عنه كلّ ثقل و إن كان عدوّا فتحت له
أبواب النّار و سهّل له طريقها و نظر إلى ما أعدّ اللّه لأهلها، و استقبل كلّ
مكروه، و فارق كلّ سرور، قال تعالى: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ
ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ
خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ.
و اعلموا
عباد اللّه أنّ الموت ليس فيه فوت فاحذروه و أعدّوا له عدّته فانّكم طرداء للموت
إن أقمتم أخذكم، و إن هربتم أدرككم، و هو ألزم لكم من ظلّكم، معقود بنواصيكم، و
الدّنيا تطوى من خلفكم، فأكثروا ذكر الموت عند ما تنازعكم إليه أنفسكم من الشهوات
فانّه كفى بالموت واعظا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: أكثروا ذكر الموت
فانه هادم اللّذات.