يحول بينى و بين عقلى أبدا. و قد أتى
بعدّة منهم ابن الأثير في ترجمة العباس هذا من اسد الغابة.
قوله 7: (و انّ أعظم الخيانة- إلخ) و ذلك لأنّ الخيانة في نفسها
قبيحة و إن كان في حقّ من لا يثق بك، فهى في حقّ من اعتمد عليك و وثق بك و استأمنك
أقبح و أفحش و أعظم عقوبة و نكالا في الاولى و الاخرة، و كذلك الكلام في الغشّ.
و كذلك على
نسخة الامّة مكان الأمنة و لكن في الأمنة لطفا ليس في الامّة كما هو مختارنا الموافق
لنسخة الرضى رضوان اللّه عليه. و معنى العبارة على هذا الوجه يصحّ إن كان المصدر
مضافا إلى المفعول و قد اختاره الفاضل الشارح المعتزلي حيث قال: و خيانة الامّة
مصدر مضاف إلى المفعول به لأنّ الساعي اذا خان فقد خان الامّة كلّها، و كذلك غشّ
الأئمّة مصدر مضاف إلى المفعول أيضا لأنّ الساعى إذا غشّ في الصّدقة فقد غشّ
الامام انتهى.
و أقول: قد
تقدّم أنّ العبارة إذا كانت الامّة فالجملة الاولى لا تحتمل إلّا إضافة المصدر إلى
المفعول به، و تجعل الثّانية على وزانها أيضا حتّى يصير الكلام على نسق واحد. و
لكنّ حقّ التدبر في الكلام و سياق العهد و اسلوبه تنادي بأنّ الصواب هو الأمنة و
أنّ الاضافة في الجملتين إلى الفاعل أولى إن لم تكن متعيّنة.
و انظريا
باغى الرشاد و طالب السداد في هذا العهد الشريف حيث صدّره 7 بتقوى
اللّه في بواطن الامور و الأعمال مشيرا إلى أنّ اللّه هو الشهيد الوكيل فينبغي
لعبد اللّه أن يكون عند اللّه مطلقا و لا يكون من الغافلين أوّلا، ثمّ أمر بترك
الرياء و النفاق المؤدّى إلى الاخلاص ثانيا، ثمّ أمر بالشفقة على الرعيّة و نهى عن
التكبر و التطاول عليهم بسبب الإمارة عليهم ثالثا، ثمّ أوصى في حفظ حقوقهم و تأديتها
إليهم إن أحبّ ألّا يكون خصمه عند اللّه يوم القيامة هؤلاء
المساكين رابعا، ثمّ حذّر من استهان بالأمانة بعذاب الاخرة، و
خيانته لنفسه خامسا، و كما صدّر عهده بتقوى اللّه تعالى كذا عقّبه بالزهد في
الدّنيا و تزكية النفس عن الأدران النفسانية و الأوساخ الدّنيوية حيث قال: و لم
ينزّه نفسه و دينه عنها إلخ. سادسا، و ختمه بذمّ خيانة