مع العزّ ذلّا- إلخ، انتهى. و قال ابن
الأثير في اسد الغابة: إنه أسلم فأمره النّبي صلى اللّه عليه و آله أن يغتسل بماء
و سدر.
و من الحديث
يعلم أنّ قيس بن عاصم كان رجلا فهيما عاقلا لائقا بأن يخاطب بهذه الجمل و يلقى
إليه تلك الصحيفة المكرّمة و الموعظة الحسنة بل الحكمة العالية المتعالية، و كان
وفوده إلى النّبي 6 سنة تسع من الهجرة و هو الّذي قال فيه
رسول اللّه 6: هذا سيّد أهل الوبر. و كان سيّدا شريفا جوادا
عاقلا مشهورا بالحلم، و هو الذي رثاه عبدة الطبيب بقوله:
عليك سلام اللّه قيس بن عاصم
و رحمته ما شاء أن يترّحما
تحيّة من أوليته منك نعمة
إذا زار عن شحط بلادك سلّما
فما كان قيس هلكه هلك واحد
و لكنّه بنيان قوم تهدّما
و كان قيس بن
عاصم قد حرّم على نفسه الخمر في الجاهليّة و كان سبب ذلك أنه غمز عنكة ابنته و هو
سكران و سبّ أبويها، و رأى القمر فتكلّم، و أعطى الخمّار كثيرا من ماله، فلمّا
أفاق اخبر بذلك فحرّمها على نفسه و قال فيها أشعارا منها قوله:
رأيت الخمر صالحة و فيها
خصال تفسد الرجل الحليما
فلا و اللّه أشربها صحيحا
و لا أشفى بها أبدا سقيما
و لا أعطى بها ثمنا حياتى
و لا أدعو لها أبدا نديما
فانّ الخمر تفضح شاربيها
و تجنيهم بها الأمر العظيما
و أراد
بالرجل الحليم نفسه فإنّه كان بالحلم مشهورا، قيل للأحنف بن قيس ممّن تعلّمت
الحلم؟ قال: من قيس بن عاصم المنقرىّ رأيته يوما قاعدا بفناء داره محتبيا بحمائل
سيفه يحدّث قومه إذ اتي برجل مكتوف، و آخر مقتول فقيل له: هذا ابن أخيك قتل ابنك،
قال: فو اللّه ما حلّ حبوته و لا قطع كلامه، فلمّا أتمّه التفت إلى ابن أخيه،
فقال: يا ابن أخى بئس ما فعلت أثمت بربّك و قطعت رحمك و قتلت ابن عمّك و رميت نفسك
بسهمك ثمّ قال لابن له آخر: قم