مع الدّنيا آخرة و إنّ لكلّ شيء حسيبا و
على كلّ شيء رقيبا و إنّ لكلّ حسنة ثوابا و لكلّ سيّئة عقابا، و لكلّ أجل كتابا و
إنّه لا بدّ لك يا قيس من قرين يدفن معك و هو حىّ و تدفن معه و أنت ميّت فان كان
كريما أكرمك و إن كان لئيما أسلمك ثمّ لا يحشر إلّا معك و لا تبعث إلّا منه و لا
تسئل إلّا عنه فلا تجعله إلّا صالحا فانه إن صلح انست به و إن فسد لا تستوحش إلّا
منه و هو فعلك. فقال: يا نبىّ اللّه احبّ أن يكون هذا الكلام في أبيات من الشعر
نفخر به على من يلينا من العرب و ندّخره فأمر النّبيّ صلى اللّه عليه و آله من
يأتيه بحسّان قال: فأقبلت افكر فيما أشبه هذه العظة من الشعر فاستتب لي القول قبل
مجيء الحسّان فقلت: يا رسول اللّه قد حضرتنى أبيات أحسبها توافق ما تريد فقلت:
تخيّر خليطا من فعالك انما
قرين الفتى في القبر ما كان يفعل
و لا بدّ بعد الموت من أن تعدّه
ليوم ينادى المرء فيه فيقبل
فان كنت مشغولا بشيء فلا تكن
بغير الذي يرضى به اللّه تشغل
فلن يصحب الانسان من بعد موته
و من قبله إلّا الّذي كان يعمل
ألا إنّما الانسان ضيف لأهله
يقيم قليلا بينهم ثمّ يرحل
و هذا الحديث
و إن كان كلّه نورا و كلّ واحدة من جملها تفتح بابا من الحقيقة و تشير إلى سرّ
لأهله و مع ذلك فينبغي لك التأمل جدا في قوله 6:
و إنّ مع
الدّنيا آخرة و لم يقل: و إنّ بعد الدّنيا آخرة حتّى يجعل الاخرة في طول الدّنيا
الزمانىّ فافهم، و في قوله: من قرين يدفن معك و هو حىّ، و قوله: لا يحشر إلّا معك،
و قوله: لا تستوحش إلّا منه، لا سيما في قوله: و هو فعلك أى ذلك القرين الحىّ
المحشور معك هو فعلك. و نعم ما قيل:
نهفته معنى نازك بسى است در خط يار
تو فهم آن نكنى اى أديب من دانم
و في آخر
الباب الخامس من إرشاد القلوب للديلمى- ره-: قال قيس بن عاصم وفدت على رسول اللّه
6 في جماعة من تميم فقال لي: اغتسل بماء و سدر فاغتسلت ثمّ
رجعت إليه فقلت: يا رسول اللّه عظنا موعظة ننتفع بها فقال: يا قيس إنّ