و حدود مأتي رجل من بني تميم و معهم عبد
اللّه بن حازم السلمى فجاءت امّه و هي سوداء حبشيّة اسمها عجلى فنادته فأشرف عليها
فقالت يا بنيّ أنزل إلىّ فأبى فكشفت رأسها و أبدت قناعها و سألته النزول فأبى،
فقالت: و اللّه لتنزلنّ أو لأتعرين و أهوت بيدها إلى ساقها فلمّا رأى ذلك نزل
فذهبت به و أحاط جارية و زياد بالدّار، و قال جارية: علىّ بالنّار فقالت الأزد:
لسنا من الحريق بالنّار في شيء و هم قومك و أنت أعلم.
فحرق جارية
الدّار عليهم فهلك ابن الحضرمى في سبعين رجلا أحدهم عبد الرّحمن بن عمير بن عثمان
القرشيّ ثمّ التميمىّ، و سمّى جارية منذ ذلك اليوم محرقا، و سارت الأزد بزياد حتّى
أوطنوه قصر الإمارة و معه بيت المال، و قالت له: هل بقي علينا من جوارك شيء؟ قال:
لا، قالوا: فبرءنا منه؟ فقال: نعم فانصرفوا عنه.
و كتب زياد
إلى أمير المؤمنين 7: أما بعد فإنّ جارية بن قدامة العبد الصالح قدم من
عندك فناهض جمع ابن الحضرمى بمن قصره و أعانه من الأزد ففضّه و اضطرّه إلى دار من
دور البصرة في عدد كثير من أصحابه فلم يخرج حتّى حكم اللّه تعالى بينهما فقتل ابن
الحضرمى و أصحابه منهم من أحرق بالنار، و منهم من هدم عليه البيت من أعلاه، و منهم
من قتل بالسيف، و سلم منهم نفر أنابوا و تابوا فصفح عنهم، و بعدا لمن عصى و غوى، و
السّلام على أمير المؤمنين و رحمة اللّه و بركاته.
فلمّا وصل
كتاب زياد قرأه عليّ 7 النّاس و كان زياد قد أنفذه مع ظبيان ابن عمارة،
فسرّ عليّ 7 بذلك و سرّ أصحابه و أثنى على جارية و على زياد و على
الأزد البصرة فقال: إنها أوّل القرى خرابا إمّا غرقا و إمّا حرقا حتّى يبقى مسجدها
كجؤجؤ سفينة، ثمّ قال لظبيان: أين منزلك منها؟ فقال: مكان كذا، فقال: عليك
بضواحيها.