قال: و روى
كعب بن قعين أنّ عليّا 7 كتب مع جارية كتابا و قال اقرأه على أصحابك،
قال: فمضينا معه فلمّا دخلنا البصرة بدأ بزياد فرحّب به و أجلسه إلى جانبه و ناجاه
ساعة و سائله ثمّ خرج فكان أفضل ما أوصاه به أن قال: احذر على نفسك و اتّق أن تلقى
ما لقى صاحبك القادم قبلك.
و خرج جارية
من عنده فقام في الأزد فقال: جزاكم اللّه من حىّ خيرا، ما أعظم عناءكم، و أحسن
بلاءكم، و أطوعكم لأميركم! لقد عرفتم الحقّ إذ ضيّعه من أنكره، و دعوتم إلى الهدى
إذ تركه من لم يعرفه، ثمّ قرأ عليهم و على من كان معه من شيعة علي 7 و
غيرهم كتاب عليّ 7 فإذا فيه:
من عبد اللّه
عليّ أمير المؤمنين إلى من قرئ عليه كتابى هذا من ساكنى البصرة من المؤمنين و
المسلمين- إلى قوله 7: حتّى أكون أنا الشاخص نحوكم إن شاء اللّه تعالى
و السّلام، كما تقدّم في المصدر.
قال: فلمّا
قرئ الكتاب على الناس قام صبرة بن شيمان فقال: سمعنا و أطعنا و نحن لمن حارب أمير
المؤمنين حرب، و لمن سالم سلم، إن كفيت يا جارية قومك بقومك فذاك، و إن أحببت أن
ننصرك نصرناك.
و قام وجوه
الناس فتكلموا بمثل ذلك و نحوه فلم يأذن لأحد منهم أن يسير معه و مضى نحو بني تميم
فقام زياد في الأزد فقال:
يا معشر
الأزد إنّ هؤلاء كانوا أمس سلما فأصبحوا اليوم حربا و إن كنتم حربا فأصبحتم سلما و
إنّي و اللّه ما اخترتكم إلّا على التجربة و لا أقمت فيكم إلّا على الأمل فما
رضيتم إذ أجرتمونى حتّى نصبتم لي منبرا و سريرا و جعلتم لي شرطا و أعوانا و مناديا
و جمعة فما فقدت بحضرتكم شيئا إلّا هذا الدرهم لا اجبه اليوم فإن لا اجبه اليوم
اجبه غدا إن شاء اللّه، و اعلموا أنّ حربكم اليوم معاوية أيسر عليكم في الدّنيا و
الدّين من حربكم أمس عليّا، و قد قدّم عليكم جارية بن قدامة و إنّما أرسله علىّ
ليصدع أمر قومه و اللّه ما هو بالأمير المطاع و لو أدرك أمله في قومه لرجع إلى