غرة؛ فما قوم حفّوا عسكرهم برماحهم و ترستهم من ليل أو نهار إلّا
كانوا كأنّهم في حصون.
و احرسا عسكر
كما بأنفسكما، و إيّاكما أن تذوقا نوما حتّى تصبحا إلّا غرارا أو مضمضة، ثمّ ليكن
ذلك شأنكما و دأبكما حتّى تنتهيا إلى عدوّ كما، و ليكن عندي كلّ يوم خبر كما، و
رسول من قبلكما؛ فانّي و لا شيء إلّا ما شاء اللّه حثيث السير في آثاركما، عليكما
في حربكما بالتّؤدة، و إيّاكم و العجلة إلّا أن تمكّنكم فرصة بعد الإعذار و
الحجّة، و إيّاكما أن تقاتلا حتى أقدم عليكما إلّا أن تبديا، أو يأتيكما أمرى إن
شاء اللّه و السّلام.
صورة
الكتاب على رواية ابن شعبة
قد رواه أيضا
الشيخ العالم الجليل أبو محمّد الحسن بن عليّ بن شعبة الحرّاني المتوفّى 332 ه في
تحف العقول عن آل الرسول (ص 44 طبع ايران 1303 ه) لكنّه ; نقل أنّ هذا
الكتاب كتبه إلى زياد بن النضر فقط فانّه بعد ما أتى بالوصيّة الّتي وصىّ بها زياد
بن النضر حين أنفذه على مقدّمته إلى صفين و هي قوله 7:
اتّق اللّه
في كل ممسى و مصبح- إلى قوله: و كفّ الأذى و الجهد- كما رواها نصر قال: ثمّ أردفه
بكتاب يوصيه فيه و يحذّره.
اعلم أنّ
مقدّمة القوم عيونهم، و عيون المقدّمة طلائعهم، فإذا أنت خرجت من بلادك، و دنوت من
عدوّك فلا تسأم من توجيه الطلائع في كلّ ناحية و في بعض الشعاب و الشجر و الخمر و
في كلّ جانب حتّى لا يغيّركم عدوّكم و يكون لكم كمين، و لا تسير الكتائب و القنابل
من لدن الصباح إلى المساء إلّا تعبية، فان دهمكم أمر أو غشيكم مكروه كنتم قد
تقدّمتم في التعبية، و إذا نزلتم بعدوّ فليكن معسكركم في اقبال الاشراف، أو في
سفاح الجبال، أو أثناء الأنهار كى ما تكون لكم ردءا و دونكم مردا. و لتكن مقاتلتكم
من وجه واحد و اثنين، و اجعلوا رقباءكم في صياصى الجبال، و بأعلى الأشراف، و
بمناكب الأنهار يريئون لكم لئلّا يأتيكم عدوّ من مكان مخافة أو أمن، و إذا نزلتم
فانزلوا جميعا، و إذا رحلتم