الفاء فصيحة أي إذا كان أمرهم على هذا المنوال من الشرك و العهد فالبس-
إلخ جملة (تشوبه ...) صفة لقوله جلبابا، (داول) معطوف على البس و كذلك امزج.
(إن شاء
اللّه) متعلّق بكلّ واحد من أفعال الأمر الثلاثة.
المعنى
تقدّم في
المصدر أنّ عمر بن أبي سلمة كان أميرا على فارس من قبل أمير المؤمنين 7
و كان أهل فارس يومئذ مشركين؛ و شكا أكابرهم و أرباب أملاكهم إلى أمير المؤمنين
7غلظته و خشونته عليهم و احتقاره و استصغاره إيّاهم فكتب 7
إليه أن يسلك معهم مسلكا متوسطا بأن تكون منزلته معهم بين منزلتين جلباب لين
بطرف من الشدّة فلا يدنيهم كلّ الدنوّ لأنّهم ليسوا لذلك أهلا لكونهم مشركين و لا
يبعدهم كلّ الإبعاد و لا يجفوهم لكونهم معاهدين، فإنّ معاملتهم بذلك النهج يمنعهم
عن التمرّد و الطغيان عن المعاهدة و الذمّة، و يحفظ عظمة الدّين و صولته و قوّته
في أعينهم، و يوجب تأليف قلوبهم و مراعاة شرائط المعاهدة في حقّهم و عدم خلل في
انتظام امورهم.
و جعل 7 الاتّصاف بهذا النهج الوسط جلبابا على التجسيم و
التشبيه تصويرا له كقوله تعالى: فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ
الْخَوْفِ (النحل- 114).
و كلامه هذا
وزان ما قاله لمعقل بن قيس في الكتاب الثاني عشر: فقف من أصحابك وسطا و لا تدن من
القوم دنوّ من يريد أن ينشب الحرب و لا تباعد منهم من يهاب البأس، و وزان قوله:
الفقيه كلّ الفقيه من لم يقنط النّاس من رحمة اللّه و لم يؤيسهم من روح اللّه و لم
يؤمنهم من مكر اللّه.
ثمّ قيّد
أوامره بالمشيّة إمّا تحريضا له إلى العمل المطابق لأوامره، كأنّه قال أرجو منك أن
تفعل بما أشرنا عليك؛ و إمّا تنبيها له على أنّ ما أشرنا عليك من المماشاة معهم و
معاملتهم بذلك النحو انّما يجب أن يكون على وجه يرضاه اللّه و يشاءه، كأنّه 7 يقوله: إنّي و إن كنت أمرتك بها و لكنّك تعاشرهم و تعيش