بك يا رسول اللّه ذات الجنب فقال لها انّ
ذلك لداء ما كان اللّه ليعذبني به و في رواية أنا أكرم على اللّه من أن يعذبني بها
و في اخرى انها من الشيطان و ما كان اللّه ليسلّطها علىّ و في السيرة الحلبية قال
بعضهم و هذا يدلّ على انها من سيئ الاسقام التي استعاذ 6 منها
بقوله اللّهم اني اعوذ بك من الجنون و الجذام و سيئ الاسقام.
أقول: و هذا
كلّه يدلّ على ما بيناه في المختار المأتين و الاثنين و الثّلاثين من ان الانبياء
منزهون عن كلّ ما ينفر عنه فيكون منافيا للغرض من البعثة و ذات الجنب داء يوجب
نفرة النّاس و تبريهم عمن ابتلى به، و ذلك لأنّ ذات الجنب كما قال عليّ بن أبي
الحزم القرشي المتطبب نفيس بن عوض المتطبب في شرحه: الورم في الغشاء المستبطن
للاضلاع أى أضلاع الصدر الملبس عليها من داخل فان الصدر مركب من أربعة عشر ضلعا من
كلّ جانب سبعة و بين كلّ اثنين منها عضل به يكون انبساط الصدر و انقباضه و يحيط
بهذه الاضلاع و العضلات كما يدور و ينحنى من داخل غشاء واحد فاذا عرض في هذا
الغشاء ورم سماه قوم ذات الجنب الخالص و الصحيح و سماه بعض شوصة صحيحة.
أو هو أي ذات
الجنب الورم في الحجاب الحاجز أى الفاضل بين آلات الغذاء و آلات النّفس المسمّى
ديافر غما عند الجمهور فمتى عرض هذا الداء ايّا منهما كان يوجب للعليل امورا منها
ضيق النفس لضغط الورم مجارى النفس و لأن الحجاب من جملة آلات النفس فإذا ورم عجز
عن الانبساط التامّ و كذلك الغشاء المستبطن فانّه أيضا يعين على التّنفس.
و منها
السعال لتأذى الرية بالمجاورة و ترشح مادة المرض إليها فإن كانت غليظة كان مع
السعال نفث و ان كانت رقيقة هيجت السعال من غير نفث.
و قال الشيخ
الرّئيس في القانون و ذات الجنب قد يعرض معه اعراض السرسام المنكرة مثل اختلاط
الذهن و الهذيان و تواتر النفس و الخفقان و الغشى و غيرها.
و من كان ذا
عقل سليم و رويّة غير رديّة و لم ينفث الشيطان فى روعه يحكم بان صريح العقل يأبي
عن اكتساء الأنبياء بتلك الامور المنفرة للطباع و لا يسند