أمّا بعد أيّها النّاس فاني أحمد إليكم
اللّه الذي لا إله إلّا هو و انّه قد دنى منى خفوق من بين أظهركم فمن كنت جلدت له
ظهرا فهذا ظهرى فليستقد منه و من كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه و أنّ
الشحناء ليست من طبعي و لا من شأني، ألا و انّ احبكم إلىّ من أخذ منّي حقّا ان كان
له أو حلّلني فلقيت اللّه و أنا اطيب النّفس و قد أرى ان هذا غير مغن عنّى حتّى أقوم
فيكم مرارا.
قال الفضل
ثمّ نزل فصلّى الظهر ثمّ رجع فجلس على المنبر فعاد لمقالته الاولى في الشحناء و
غيرها فقام رجل فقال يا رسول اللّه انّ لي عندك ثلاثة دراهم قال أعطه يا فضل
فامرته فجلس.
ثمّ قال يا
أيّها النّاس من كان عنده شيء فليؤده و لا يقل فضوح الدّنيا الا و انّ فضوح
الدّنيا أيسر من فضوح الاخرة فقام رجل فقال يا رسول اللّه عندى ثلاثة دراهم غللتها
في سبيل اللّه قال: و لم غللتها قال: كنت إليها محتاجا قال: خذها منه يا فضل.
ثمّ قال يا
أيها النّاس من خشى من نفسه شيئا فليقم أدع له فقام رجل فقال: يا رسول اللّه اني
لكذاب اني لفاحش و انّى لنؤوم فقال اللهمّ ارزقه صدقا و إيمانا و اذهب عنه النوم
إذا أراد، ثمّ قام رجل فقال و اللّه يا رسول اللّه إنّي لكذّاب و انّي لمنافق و ما
شيء او ان شيء الا قد جنيته، فقام عمر بن الخطّاب فقال فضحت نفسك أيّها الرجل
فقال النّبيّ 6 يا ابن الخطاب فضوح الدّنيا أهون من فضوح
الاخرة اللّهم ارزقه صدقا و إيمانا الحديث.
و قال أبو
جعفر الطبرى في تاريخه أيضا بإسناده إلى عبد اللّه بن مسعود انّه قال: نعى إلينا
نبيّنا و حبيبنا نفسه قبل موته بشهر فلمّا دنى الفراق جمعنا في بيت امّنا عائشة
فنظر إلينا و شدّد فدمعت عينه و قال مرحبا بكم رحمكم اللّه بكم رحمكم اللّه، آواكم
اللّه، حفظكم اللّه، رفعكم اللّه، نفعكم اللّه، وفّقكم اللّه، نصركم اللّه، سلّمكم
اللّه، رحمكم اللّه، قبلكم اللّه، اوصيكم بتقوى اللّه و اوصى اللّه بكم و أستخلفه
عليكم و اؤدّيكم إليه انّي لكم نذير و بشير لا تعلوا على اللّه في عباده