يصبر الانسان فى نوائب الدهر و لا يلقى
بيده إلى التهلكة مع أن الجزع لا
فائدة فيه يكون مورثا لتلك الأمراض المزمنة و لذلك كله امر فى الشرع بالصبر و نهى
عن الجزع.
قوله 7 (و لكنه ما لا يملك ردّه و لا يستطاع دفعه) استدرك 7
تسلية لنفسه و لغيره بقوله و لكن الموت الذي لاجله البكاء و الحزن مما لا يملك و
لا يقدر ردّه و لا يطاق دفعه فلا فائدة فى الجزع و البكاء و الحزن فصبر جميل و
الاحتساب حسن و ما أحسن السعدي بقوله:
خبر دارى اى استخوان قفس
كه جان تو مرغى است نامش نفس
چون مرغ از قفس رفت و بگسست قيد
دگر ره نگردد بدام تو صيد
و يمكن أن
يعود الضمير فى لكنه ورده و دفعه إلى الأمر الذي هو البكاء و الحزن و يكون تمهيدا
للعذر على البكاء و الحزن مع انّه 6 أمر بالصبر و نهى عن
الجزع فقال 7 ان البكاء و الحزن بهذا المقدار الذي صدر منا مما لا نملك
على رده و لسنا بقادر على دفعه كما قال رسول اللّه 6 لما مات
ابنه إبراهيم و هملت عينه بالدموع: يحزن القلب و تدمع العين و لا نقول ما يسخط الرّب.
قوله 7 (بأبى أنت و امى اذكرنا عند ربك و اجعلنا من بالك) أعاد
التفدية إعزازا و تعظيما له 6 و إبرازا لما فى الضمير كرة بعد
كرة توكيدا من أنّه 6 احب النّاس إليه بحيث يجعل أبويه فداءه
ثمّ سأله و التمس منه أن يذكره عند ربه و ان يجعله من باله، يعنى أن يكون فى قلبه
6 بمنزلة و مكانة بحيث يهتمّ به و لا ينساه عند ربه.
و يؤيد ما فى
الرواية المنقولة فى البحار: و اجعلنا من همك، مكان من بالك و فى اخرى من بالك و
همك بجمع كليهما و سنذكرهما باسرهما، و غاية مأموله 7 ان يذكر بلسان
خاتم الأنبياء 6 عند اللّه تبارك و تعالى و من رزق نور
المعرفة يدرك علوّ شأنه و جلالة قدره من امله هذا نعم إن العبد يلتذ أن يذكر عند
اللّه و لا يرجو سواه و الحبيب يحب أن يذكر اسمه عند الحبيب و يذكر الحبيب عنده و
يلهج لسانه بذكره و يقول يا رب أذقنى حلاوة ذكرك.