فضة يكاد انفه إذا شرب ان يرد الماء و إذا
مشى تكفّا كانه ينزل في صبب لم ير مثل نبى اللّه 6 قبله و لا
بعده، كذا عدة أخبار اخر فيه فراجع.
فإن قلت: ما
نفقه كثيرا ما تقول مع انه وردت روايات على انّ بعض الانبياء ابتلاهم اللّه بقبح
الصّورة و الخلقة كما فى أيّوب 7 بحيث تنتن له رائحة و تدوّد جسده بل
فى رواية اصابه الجذام حتى تساقطت اعضاؤه فكيف التوفيق؟
قلت قضاء
العقل فى هذه الامور أولى و أقدم و لا ريب انّ اللّه تعالى بعث الأنبياء لطفا منه
على العباد ليقوم الناس بالقسط و ليهلك من هلك عن بينة و يحيى من حىّ عن بينة و
لامور اخر ذكرها المتكلمون فى الكتب الكلاميّة مفصلة فلو كان فى الانبياء ما يوجب
النفرة عنهم لا يرغب النّاس إليهم فيكون منافيا للغرض من البعثة فاللّه ليس بمتم
نوره و لطفه و حجته فى هذه الصّورة على عباده و الحكم فى اصول الدّين و ما يتبعها
هو العقل وحده و صريح العقل يقضى بذلك و من لم يكن أحول و أعور لا يرتاب فيه.
قال أفضل
المتاخرين العلامة الطوسى قدس اللّه نفسه القدسى فى التجريد:
و يجب فى
النبىّ العصمة ليحصل الوثوق فيحصل الغرض و لوجوب متابعته و ضدها و الانكار عليه و
كمال العقل و الذكاء و الفطنة و قوة الرأى و عدم السهو و كلما ينفر عنه من دناءة
الاباء و عهر الامهات و الفظاظة و الابنه و شبهها و الاكل على الطريق و شبهه.
انتهى فان كان فيما يقضى به صريح العقل رواية يعاضدها و إلّا فإن كانت الرواية
قابلة لان يحمل على ذلك المقضى به و إلا فلا نعبأ بها و نعرض عنها.
مع انا نعلم
ان هذه الرّوايات القائلة فى الأنبياء بهذه الصفات الّتى تنفر عنها الطباع
اسرائيليات و ذلك كما نبه عليه ابن خلدون فى مقدمة تاريخه ان كعب الاحبار و وهب بن
منبه لما اسلموا و ذكروا تلك الرّوايات للمسلمين قبلها عوام المسلمين منهم حسن
الظن فيهم بانهم مسلمون و ان هذه الرّوايات مما جاء بها الوحى على خاتم الانبياء
6 و الحق الصريح في ذلك و الكلام المبين فيه ما قاله عزّ من
قائل فى سورة آل عمران فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ
كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ الاية و هذا
امضاء فى حكم العقل و معاضدة له و هو إحدي