أخلاقهم و خلقهم انما هو اختلاف مبادي
خلقتهم من التراب و الماء و الهواء و النّار و غيرها مما مر و لكن الظّاهر في
كلامه 7 هو الارض فقط فكيف التوفيق؟
قلت: أوّلا
انها أكثر ممّا يوجد في المركّبات و لذلك تكون في حين الارض.
و ثانيا انّ
للتراب أثرا عظيما في اختلاف أخلاقهم و خلقهم و الاركان الاخر في الطيب و الخبث
تابعة لها و لذا خصها بالذكر دونها و ذلك لانه ممّا يري بالعيان ان الارض العذبة
الّتي طيبة ترابها ماؤها عذب طيب و أيضا و كذا هواؤها و الارض السبخة ماؤها مالح و
هواؤها تابع لها لا محالة و كذا في أوصافها الاخر ممّا هو أكثر من أن يحصى فلذلك
من نشأ و تولد في الارض العذبة تكون في الخلق و الخلق أحسن و أعدل من غيره و الذي
تولد في الارض السبخة يكون ذا مزاج حار يابس و تكون صفاته تابعة لمزاجه و خلقه كما
دريت في المبحث الرابع و كفاك في ذلك قول اللّه جلّ جلاله في الاعراف وَ
الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَ الَّذِي خَبُثَ لا
يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً الاية.
قوله 7 (فهم على حسب قرب أرضهم يتقاربون و على قدر اختلافها يتفاوتون) نحن نرى
الاشخاص بالحس و العيان انّ أهل الافاق الاستوائية و أهل الافاق كثيرة العرض مثلا
أهل عرض ستين درجة و ما بعدها بينهما في الخلق و الخلق بون بعيد بحيث لو رأي هذا
ذلك ليستوحش منه و يتنفر عنه و لم يكن بين أهل الاقليم الثالث و الرّابع ذلك البعد
فيهما، و كذلك نرى أن بين أهل مبدء الاقليم الرّابع مثلا و بين من كان في آخره
تشابه و تناسب و تقارب فيهما و هكذا الأقرب فالأقرب و الأبعد فالأبعد و ذلك لما
حققناه في المبحث الثالث فهم حسب قرب أرضهم يتقاربون و على قدر اختلافها يتفاوتون.
قوله 7 (فتام الرّواء ناقص العقل) من قوله 7 هذا إلى آخره
بيان لقوله يتفاوتون فذكر تفاوت سبع طوائف من النّاس خلقا و خلقا
فهذه الاقسام السبعة بعضها يضاد خلقها لاخلاقها و بعضها يلائم و يناسب، فبدأ
بالّتي تضاد و هى خمسة: