فتحاثوا بالتراب يحثّ بعضهم فى وجوه بعض
التراب ثمّ تعانقوا و تكادموا و تراموا بالصخر و الحجارة ثمّ تحاجزوا فجعل الرجل
من أهل العراق يمرّ على أهل الشام فيقول من أين آخذ إلى رايات بنى فلان فيقولون
ههنا لا هداك اللَّه، و يمرّ الرجل من أهل الشام على أهل العراق فيقول كيف آخذ إلى
رايات بنى فلان فيقولون ههنا لا حفظك اللَّه و لا عافاك.
قال
المسعودى: و لما قتل عمّار و من ذكرنا فى هذا اليوم حرض على 7 النّاس و
قال لربيعة أنتم درعى و رمحى فانتدب له ما بين عشرة آلاف إلى أكثر من ذلك من ربيعة
و غيرهم قد جادوا بانفسهم للَّه عزّ و جلّ و على 7 أمامهم على البغلة
الشهباء و هو يقول:
اىّ يومىّ من الموت افرّ
يوم لم يقدر ام يوم قدر
و حمل و
حملوا معه حملة رجل واحد فلم يبق لأهل الشام صف إلّا انتقض و اهمدوا كلّ ما أتوا
عليه حتّى أتوا إلى قبة معاوية و عليّ 7 لا يمرّ بفارس إلا قده و هو
يقول:
اضربهم و لا أرى معاوية
الاخزر العين العظيم الهاوية
تهوى به فى النار ام هاوية
و قيل إن هذا
الشعر لبديل بن ورقاء قاله فى ذلك اليوم.
ثمّ نادى على
7 يا معاوية علام يقتل الناس بين و بينك هلم احاكمك إلى اللَّه فأينا
قتل صاحبه استقامت له الامور فقال له عمرو: قد أنصفك الرجل، فقال له معاوية: ما
أنصفت و انك لتعلم أنّه لم يبارزه رجل قط إلّا قتله أو أسره فقال له عمرو و ما
تجمل بك إلا مبارزته فقال له معاوية: طمعت فيها بعدى و حقدها عليه.
أقول: لا
يخفى ان قوله 7 هذا ثمّ نادى على 7 يا معاوية علام يقتل
النّاس اه غاية الكرم و الشجاعة و الانصاف و المروءة كما اعترف به الخصم العنود و
يناسب المقام قول المتنبّي:
كلّ يريد رجاله لحياته
يا من يريد حياته لرجاله
و قال عبد
الرحمن البرقوقي في شرح ديوان المتنبّى (ص 234 ج 3 طبع مصر 1357 ه)