نصف النهار فذلك اليوم هو أوّل الشهر، و
إن كان بعده فاليوم الّذي بعده، و لكن فيه تعذرا لتوقفه على استخراج التقويمين في
رأس كل شهر و اعمال كثيرة اخر حتى يعلم أن الاجتماع في أيّ يوم و أيّ ساعة، و هذا
لا يتيسر الا للأوحدى من الناس ممّن رزقهم اللّه التفكر فى خلق السموات و الأرض.
و المسلمون و
أهل البادية من الأعراب اخذوه من ليلة رؤية الهلال إلى ليلتها لأن أقرب أوضاع
القمر من الشمس إلى الادراك هو الهلال، فالأوضاع الاخرى من المقابلة و التربيع و
غير ذلك لا يدرك إلّا بحسب التخمين، فان القمر يبقى على النور التام قبل المقابلة
و بعدها زمانا كثيرة و كذلك غيره من الأوضاع و أما وضعه منها عند وصوله في تحت
الشعاع و إن كان يشبه وضع الهلال في ذلك لكنه في وضع الهلال يشبه الموجود بعد
العدم و المولود الخارج من الظلم فجعله مبدء أولى.
قال اللّه
تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ الاية، و
كان اتفاق المسلمين ان أوّل شهر الصيام ليلة رؤية الهلال إلى ليلة رؤيتها و يكون
الصوم للرؤية و الفطر للرؤية و هذا الشهر لا يزيد عن ثلاثين يوما و لا ينقض على
تسعة و عشرين يوما.
و ليعلم انه
على هذا الوجه اعنى أخذ الشهر القمرى من ليلة رؤية الهلال إلى ليلتها كما ذهب اليه
المسلمون يمكن أن تكون أربعة أشهر متواليات ثلاثين يوما و لا يزيد على ذلك قط كما
يمكن أن تكون ثلاثة أشهر متواليات تسعة و عشرين يوما و لا يزيد على هذا المقدار
أيضا قطّ على ما حقق في محلّه، و ذكر الدليل ينجرّ إلى بحث طويل. و هذا هو الشهر
القمرى الحقيقى المبتنى على وضع القمر مع الشمس و أما الوسطى فهو مصطلح أهل الحساب
فيأخذون مبدء الشهر من الاجتماع الوسطى و يجعلون المحرم ثلاثين يوما و الصفر تسعة
و عشرين يوما، و هكذا كل فرد ثلاثين يوما و كلّ زوج تسعة و عشرين يوما، و في طول
ثلاثين سنة يأخذون ذا الحجة إحدى عشر مرة ثلاثين يوما و يسمونها كبائس، و برهانه
مذكور في الكتب