على ما يقرّب إليه و يزلف لديه، فانما
نحن به و له إنّ اللّه وقّت لكم الاجال، و ضرب لكم الأمثال، و ألبسكم الرّياش، و
أرفع لكم المعاش، و آثركم بالنعم السوابغ، و تقدم إليكم بالحجج البوالغ، و أوسع
لكم في الرفد الرافع، فتنهزوا فقد أحاط بكم الاحصاء، و ارتهن لكم الجزاء القلوب
قاسية عن حظها، لاهية عن رشدها، اتّقوا اللّه تقيّة من شمّر تجريدا، و جدّ تشميرا
و انكمش في مهل، و أشفق في وجل، و نظر في كرّة الموئل، و عافية الصبر، و معية
المرجع، و كفى باللّه منتقما و نصيرا، و كفى بكتاب اللّه حجيجا و خصيما.
رحم اللّه
عبدا استشعر الحزن، و تجلبب الخوف و أضمر اليقين، و عرى من الشك في توهم الزّوال،
فهو منه على وبال، فزهر مصباح الهدى في قلبه، و قرّب على نفسه البعيد، و هوّن
الشديد، فخرج من صفة العمى، و مشاركة الموتى و اجتاز من مفاتيح الهدى، و مغاليق
أبواب الرّدى، و استفتح بما فتح العالم به أبوابه، و خاض بحاره، و قطع غماره، و
وضحت له سبيله و مناره، و استمسك من العرى بأوثقها، و استعصم من الحبال بأمتنها،
خواض غمرات، فتاح مبهمات، دافع معضلات امة و لا مطية إلّا قصدها
تنبيه
قد تقدّم
أوائل فقرات هذا الكلام بهذه الرّواية إلى قوله و غصص الجرض في ضمن فقرات الخطبة
الثانية و الثمانين باختلاف أيضا فانظر ما ذا ترى و بما ذكرناه في شرح هذه الخطبة
و الخطب المتقدّمة يتّضح لك قريب «غريب ظ» ما فى هذه الرواية و لا حاجة إلى
الاعادة هذا.
و يستفاد من
بعض الرّوايات كون هذه الخطبة مع الكلام الثاني و الأربعين ملتقطين من خطبة طويلة،
و هو ما رواه أيضا في المجلّد السابع عشر من البحار في موضع آخر من مناقب ابن
الجوزى قال: خطبة و يعرف بالبالغة.