عنها، و كلّ ما هو آت قريب، و هنا لك
تبلو كلّ نفس مأ اسلفت و ردّوا إلى اللّه موليهم الحقّ و ضلّ عنهم ما كانوا
يفترون.
تكملة
هذه الخطبة
رواها المحدّث العلامة المجلسي قدّس سرّه في المجلّد السابع عشر من البحار من كتاب
عيون الحكمة و المواعظ لعليّ بن محمّد الواسطي قال:
و من كلام له
7: إنكم مخلوقون اقتدارا، و مربوبون اقتسارا، و مضمّنون أجداثا، و
كائنون رفاتا، و مبعوثون افرادا، و مدينون جزاء، و مميّزون حسابا، فرحم اللّه عبدا
اقترف فاعترف، و وجل فعمل، و حاذر فبادر، و عبّر فاعتبر، و حذّر فازدجر، و أجاب
فأناب، و راجع فتاب، و اقتدى فاحتذى، فأسرع طلبا، و نجا هربا فأفاد ذخيرة، و أطاب
سريرة، و تأهّب للمعاد، و استظهر بالزّاد، ليوم رحيله، و وجه سبيله، و حال حاجته،
و موطن فاقته، تقدّم امامه لدار مقامه فمهّدوا لأنفسكم في سلامة الأبدان، فهل
ينتظر أهل غضارة الشّباب إلّا حوانى الهرم، و أهل بضاضة الصحّة إلّا نوازل السّقم،
و أهل مدّة البقاء إلّا مفاجاة الفناء، و اقتراب الفوت و دنوّ الموت، و ازوف الانتقال،
و اشفاء الزّوال، و حفى الأنين، و رشح الجبين، و امتداد العرنين، و علز القلق، و
فيض الرّمق، و ألم المضض، و غصص الجرض.
و اعلموا
عباد اللّه أنكم و ما أنتم فيه من هذه الدّنيا على سبيل من قد مضى ممّن كان أطول
منكم أعمارا، و أشدّ بطشا، و أعمر ديارا، و أبعد آثارا، فأصبحت أصواتهم هامدة
جامدة من بعد طول تقلبها، و أجسادهم بالية، و ديارهم خالية، و آثارهم عافية، و
استبدلوا بالقصور المشيّدة، و السّرور و النّمارق الممهّدة، الصخور و الأحجار
المسندة، في القبور اللاطئة الملحدة التي قد بين الخراب فنائها و شيد التراب بنائها،
فمحلّها مقترب و ساكنها مغترب، بين أهل عمارة موحشين، و أهل محلّة متشاغلين، لا
يستأنسون بالعمران، و لا يتواصلون الجيران و الاخوان على ما بينهم من قرب الجوار و
دنوّ الدّار.