أو محمول على
التزاور بالأجساد، و هو الأظهر، لأنّ المستفاد من
الأخبار الكثيرة ثبوت التّزاور بين أرواحهم، و قد مضت عدّة منها في أواخر التّذييل
الثالث من شرح الفصل السّابع من فصول الخطبة الثانية و الثّمانين فليراجع ثمّة.
و رويت هنا
مضافا إلى ما سبق من البحار من المحاسن عن ابن محبوب عن إبراهيم بن إسحاق الجازى
قال: قلت لأبي عبد اللّه 7 أين أرواح المؤمنين؟
فقال: أرواح
المؤمنين في حجرات الجنّة يأكلون من طعامها و يشربون من شرابها و يتزاورون فيها و
يقولون ربّنا أقم لنا السّاعة لتنجز لنا ما وعدتنا، قال: قلت:
فأين أرواح
الكفار؟ فقال: في حجرات النّار يأكلون من طعامها و يشربون من شرابها و يتزاورون
فيها و يقولون: ربّنا لا تقم لنا السّاعة لتنجز لنا ما وعدتنا.
و من المحاسن
أيضا عن ابن فضّال عن حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه 7 قال: ذكر
الأرواح أرواح المؤمنين فقال: يلتقون، قلت: يلتقون؟ قال: نعم يتساءلون و يتعارفون
حتى إذا رأيته قلت فلان.
و فيه من
الكافي باسناده عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه 7 إنّ الأرواح في صفة
الأجساد في شجر الجنة تعارف و تسائل، فاذا قدمت الرّوح على الأرواح تقول:
دعوها فانها
قد أقبلت من هول عظيم، ثمّ يسألونها ما فعل فلان و ما فعل فلان، فان قالت لهم:
تركته حيا ارتجوه، و إن قالت لهم: قد هلك، قالوا: قد هوى هوى و الاخبار في هذا
المعنى كثيرة و لا حاجة إلى الاطالة.
ثمّ إنه 7 لما ذكر المخاطبين بشرح أحوال الماضين و عظم ما حلّ بهم من احوال القبر و
دواهيه عقّب 7 ذلك بالتنبيه على قرب لحاقهم بهم فقال (و كأن قد
صرتم إلى ما صاروا إليه) أى انتقلتم من ذروة القصور إلى وهدة القبور و بدّلتم
النمارق الممهّدة بالأحجار المشيدة، و دار الانس و العيش و السعة ببيت الوحدة و
الوحشة و الضيق و الغربة (و ارتهنكم ذلك المضجع) أى أخذكم أخذ
المرتهن لرهنه (و ضمّكم ذلك المستودع) أى ضغطكم القبر الذى هو محلّ
الاستيداع