و كان العبد معه مستقيم الأحوال على سواء
الصّراط طلبه لنفسه و لمحبّيه.
قال الشّارح:
و اعلم أنّ الأحاديث مختلفة ففى بعضها طلب الغنى و اليسار و في بعضها طلب الكفاف،
و في بعضها طلب الفقر، و في بعضها الاستعاذة من الفقر، و وجه الجمع بينها أن يقال:
المراد بطلب الغنى طلب الكفاف لأنّ الكفاف هو المطلوب عند أهل العصمة، و ليس
المراد به ما هو المتعارف عن أبناء الدّنيا من جمع المال و اذخاره و الاتّساع به
فوق الحاجة، فانّ ذلك مناف لما هو المعهود من حالهم من طلاق الدّنيا و الزّهد فيها
و قد قال أمير المؤمنين 7:
علّل النّفس بالكفاف و إلّا
طلبت منك فوق ما يكفيها
ما لما قد مضى و لا للّذى لم
يأت من لذّة لمستحلّيها
إنّما أنت طول مدّة ما
عمرت كالسّاعة التي أنت فيها
و رواه في
البحار من كتاب مطالب السؤول لمحمّد بن طلحة، و قال أيضا من نظمه 7
دليلك أنّ الفقر خير من الغنى
و أنّ قليل المال خير من المثرى
لقاؤك مخلوقا عصى اللّه بالغنى
و لم تر مخلوقا عصى اللّه بالفقر
و هذا هو
الذى أراد النّبيّ 6 بقوله: نعم المال الصّالح للعبد
الصّالح و المراد بطلب الفقر طلب قدر الحاجه و الكفاف لأنّ الكفاف فقر عند أهل
الدنيا و إن كان يسارا عندهم : و المراد بالاستعاذة من الفقر
الاستعاذة ممّا دون الكفاف و هو الفقر عندهم : و أقوى أفراده عند أهل
الدّنيا هذا.
و قال
المحدّث العلّامة المجلسىّ قدّس سرّه: سؤال الفقر لم يرو فى الأدعيّة بل ورد فى
أكثرها الاستعاذة من الفقر الذى يشقى به و عن الغنى الذى يسير سببا لطغيانه انتهى.
و كيف كان
فقد ظهر بذلك كلّه أنّ غرضه 7 بالسؤال صون جاهه و عزّه باليسار
لاستلزام الغنى احترام صاحبه عند عامّة النّاس كاستلزام الفقر لمهانة المبتلى به
عندهم.