حبّها لكونها رأس كلّ خطيئة أردفه
بالتنبيه على غاية زهده فيها و طهارة لوح نفسه من دنس حبّها فقال (و إنّ دنياكم عندى لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها) و تكسرها (ما لعلىّ و لنعيم يفنى و لذّة لا
تبقى) إنكار لميل نفسه إلى نعيم الدّنيا و لذّاتها الفانية،
يعني أنّ حال علىّ ينافي رغبته إلى تلك اللّذات.
(نعوذ
باللّه من سبات العقل) أى نومه و غفلته عن ادراك مفاسد تلك اللّذات و ما يترتّب
عليها من المخازى و الهلكات (و قبح الزّلل) و الضّلال عن
الصّراط المستقيم النّاشي من الرّكون إلى الدنيا و الرّغبة إلى نعيمها (و به نستعين) في النّجاة
من تلك الورطاة و في جميع الحالات.
قال كاشف
الغمّة و لنعم ما قال:
و اعلم أنّ
أنواع العبادة كثيرة، و هى متوقّفة على قوّة اليقين باللّه تعالى و ما عنده و ما
أعدّه لأوليائه في دار الجزاء، و على شدّة الخوف من اللّه تعالى و أليم عقابه، و
علىّ 7 القائل: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا، فشدّة يقينه دالّة على
قوّة دينه و رجاحة موازينه، و قد تظاهرت الرّوايات أنّه لم يكن نوع من أنواع
العبادة و الزّهد و الورع إلّا و حظه 7 منه وافر الأقسام، و نصيبه منه
تامّ بل زايد على التّمام، و ما اجتمع الأصحاب على خير إلّا كانت له رتبة الامام،
و لا ارتقوا قبّة مجد إلّا و له ذروة الغارب و قلّة السّنام، و لا احتكموا في
قضيّة شرف إلّا و ألقوا إليه أزمة الأحكام.
و روى الحافظ
أبو نعيم بسنده في حليته أنّ النبّيّ 6 قال: يا عليّ إنّ
اللّه قد زيّنك بزينة لم يزيّن العباد بزينة أحبّ إلى اللّه منها هي زينة الأبرار
عند اللّه تعالى: الزّهد في الدّنيا فجعلك لا ترزء من الدّنيا شيئا و لا ترزء منك
الدّنيا شيئا أى لا تنقص منها و لا تنقص منك.
و قد أورده
صاحب كفاية الطالب أبسط من هذا قال: سمعت أبا مريم السلولي يقول: سمعت رسول اللّه
6 يقول: يا عليّ إنّ اللّه قد زيّنك بزينة لم يزيّن
العباد بزينة أحبّ إلى اللّه منها: الزهد في الدّنيا فجعلك لا تنال من الدّنيا
شيئا و لا تنال