على وجه المصانعة و الرّشوة، مجاز [أم
صدقة فذلك محرّم علينا أهل البيت] و على كون المراد
بالصدقة صدقة التّطوع و البناء على مذهب المشهور فلا
بدّ من ارتكاب المجاز في التّحريم، و حمل قوله 7:
محرّم على ما
يعمّ الكراهة و الحرمة المصطلحة، فافهم جيّدا.
(فقال لا
ذا و لا ذاك و لكنّها هدّية) و إنّما قال ذلك لكونه عارفا بأنّه 7 كان يقبل الهدايا و لا يشمئزّ منها إلّا أنّه 7 لمّا عرف فساد
غرضه فيها اعترض عليه و أجابه بقوله (فقلت هبلتك الهبول) أى ثكلتك أمّك (أعن دين
اللّه أتيتنى لتخدعنى أ مختبط) أنت استفهام انكارى (أم ذو جنّة أم
تهجر) الاستفهام إنكارىّ و الغرض منه توبيخ الأشعث و تقريعه على ما أتى به
من الهدية و التّعريض عليه بأنّ إتيانه بها مع ما أضمر من سوء النيّة يشبه فعل
صاحب الخبط و الجنون و الهذيان قال الشارح المعتزلي: المختبط المصروع من
غلبة الاخلاط السّوداء أو غيرها عليه و ذو الجنّة من به مسّ من الشيطان، و الّذي
يهجر هو الّذي يهذى في مرض ليس بصرع كالمبرسم و نحوه، انتهى.
أقول: إن
أراد أنّ المختبط قسيم ذى الجنّة يعنى خصوص المصروع من غير مسّ الشيطان فيردّه
قوله تعالى لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ
الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ و إن أراد كونه أعمّ منه فلا بأس به لكن
الأظهر أن يكون مراده 7 به كونه ذا خبط أى طالب معروف من غير سابقة و
لا قرابة أو أنّه ذو خبط أى حركة على غير النّحو الطبيعى كخبط العشواء ثمّ شدّد
النّكير على الطارق و أبطل ما كان في خلده من إمكان إقدامه 7 على الظلم
و المعصية بوسيلة الهدية و دقّ 7 خيشومه بقارعة الخيبة فقال (و اللّه) الكريم و
إنّه لقسم لو تعلمون عظيم (لو أعطيت الأقاليم السبعة) و بقاع
الأرضين (بما تحت أفلاكها على أن أعصى اللّه) طرفة عين و أقدم على
الظلم و لو (في) حقّ (نملة) هى أضعف مخلوق (أسلبها
جلب شعيرة) و قشرها (ما فعلته) و هذا دليل على كمال عدله 7 و
بلوغه فيه الغاية القصوى الّتي لا يتصوّر ما فوقها.
و لمّا نبّه
على نزاهته من الظلم و كان منشأ الظلم كساير المعاصى هو