أنزله في كتابه من قوله ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ و
قوله أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ و نحوه (و يتغمّدك بفضله) و كرمه (و أنت متولّ) و
معرض (عنه إلى غيره) تعالى و مقبل إلى
الدّنيا و راكن إليها و منهمك في لذّاتها و شهواتها.
(فتعالى من
قوىّ) و قادر على مؤاخذتك (ما أكرمه) و أجزل إحسانه و في
بعض النسخ ما أحلمه أى صفحه عنك (و تواضعت من ضعيف) و حقير (ما
أجرأك) و أعظم كفرانك و جار لك (على معصيته) و مخالفته (و أنت في
كنف ستره مقيم) حيث ستر من شنايع أعمالك و قبايح ذنوبك ما لو كشف عن أدناها
لافتضحت (و في سعة فضله متقلّب) حيث أسبغ عليك من نعمه الجسام و آلائه
العظام ما لو شكرت على أقلّ قليلها لعجزت.
(فلم يمنعك
فضله) بكفرانك (و لم يهتك عنك ستره) بطغيانك (بل لم
تخل من لطفه) و برّه (مطرف عين) أى مقدار حركة البصر (في نعمة يحدثها
لك أو سيئة يسترها عليك أو بلية يصرفها عنك) و هذا تفصيل ضروب
ألطافه تعالى الخفيّة و الجلية.
و الغرض من
قوله 7: فتمثّل إلى هنا تذكير المخاطبين بعوائد نعمه و موائد
كرمه و جميل آلائه و جزيل نعمائه و عموم نواله في حقّهم، مع ما هم عليه من الغفلة
و الاعراض حثّا لهم بذلك على المداومة بالذكر و الطاعة، و التنبّه من نوم الغفلة و
الجهالة، و المواظبة على دعائه و مناجاته بنحو ما في دعاء الافتتاح:
فكم يا إلهي
من كربة قد فرّجتها، و هموم قد كشفتها، و عثرة قد أقلتها، و حلقة بلاء قد فككتها،
اللهمّ إنّ عفوك عن ذنبى و تجاوزك عن خطيئتي و صفحك عن ظلمي و سترك على قبيح عملي
و حلمك عن كثير جرمي عند ما كان من خطائى و عمدى أطمعنى فى أن أسألك ما لا أستوجبه
منك، فلم أر مولا كريما أصبر على عبد لئيم منك علىّ يا ربّ إنك تدعوني فأولّى عنك
و تتحبّب إلىّ فأتبغض إليك و تتودّد إلىّ فلا أقبل منك، كأنّ لى التطوّل عليك فلم
يمنعك ذلك من الرّحمة بي و الاحسان إلىّ و التفضّل علىّ بجودك و كرمك.