و أوضح ترحّمه للغير بقوله (فلربّما ترى الضاحى من حرّ الشمس فتظلّه)
أى ترى من أصابته حرارتها و تأذّى
بها فتظلّه بالظلال ترحّما و تلطفا و دفعا للاذى عنه
(أو ترى المبتلى بألم يمضّ جسده) أى يولمه (فتبكى رحمة له) و إذا كان هذا شأنك مع
الغير فما بالك في نفسك حيث تركت نصحها و ملاحظتها.
(فما صبرك
على دائك) الدّوى (و جلدك بمصابك) العظيم (و عزاك) أى سلاك (عن
البكاء على نفسك و هى أعزّ الأنفس عليك) و أحبّها إليك (و كيف لا يوقظك) من نومك
استعاره (خوف بيات نقمة) و مفاجات عقوبة، و أصل البيات أن يقصده
بالعدوّ في اللّيل من غير أن يشعر فيأخذه بغتة فاستعير لنزول العذاب فيها قال
تعالى أَ فَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً
وَ هُمْ نائِمُونَ.
و قوله (و قد
تورّطت بمعاصيه مدارج سطواته) أى وقعت باكتساب آثامه في في ورطاة الهلكات و
صعدت مدارج السطوات و السخطات و التعبير بالمدارج نظرا إلى
اختلاف المعاصى و كون بعضها فوق بعض من حيث الصغر و الكبر الموجب لتفاوت مراتب
السطوة و درجات السخطة من حيث الضّعف و الشدّة.
و يحتمل أن
يكون المراد بالمدارج الطرق نحو ما فى الحديث: إياكم و التعريس في
بطون الأودية فانها مدارج السّباع تأوى إليها، قال الطريحى هي جمع مدرج بفتح الميم
الطريق و المعنى الأوّل ألطف.
(فتداو من
داء الفترة في قلبك بعزيمة) أى عالج من مرض الفتور و الضعف و الانكسار
الذى في قلبك بدواء الجدّ و العزم على العبوديّة و الطاعة (و من كرى الغفلة
في ناظرك بيقظة) أى من نوم الغفلة في ناظر بصيرتك عن الذكر و
الفكر بالتنبيه و اليقظة.
(و كن للّه
مطيعا) و هى أعنى الطاعة نتيجة العزيمة (و بذكره آنسا) و هو أعنى
الذكر ثمرة اليقظة (و تمثل في حال توليك عنه إقباله عليك) أى تصوّر إقباله تعالى عليك بالفضل و
الاحسان و الكرم و الامتنان في حال اعراضك عنه و المقابلة لذلك بالكفران و
المخالفة و العصيان كما أوضحه بقوله (يدعوك إلى عفوه) بما