اعلم أنّ هذا الكلام كما نبّه
الرّضىّ قدّس سرّه (قاله) 7 (عند تلاوته) الاية الشريفة فى
سورة الانفطار يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ و قبل
الشروع فى شرح كلامه 7 ينبغي أن نذكر ما قاله المفسّرون فى تفسير الاية
فأقول:
لهم فى تفسير
قوله: يا أيها الانسان، قولان:
أحدهما أنّه
الكافر لقوله تعالى بعد ذلك كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ قال عطا عن
ابن عبّاس انّها نزلت فى الوليد بن المغيرة.
و الثّانى
أنّه عامّ لجميع العصات و هو الأقرب و قوله ما غَرَّكَ
بِرَبِّكَ أى أىّ شيء خدعك و سوّل لك الباطل حتّى تركت الواجبات و أتيت
بالمحرّمات و عصيت خالقك و خالفته، و المراد ما الّذى آمنك من عقابه يقال غرّه
بفلان إذا آمنه المحذور من جهة مع أنّه غير مأمون و هو كقوله لا
يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ^.
و اختلف في
معنى الكريم، فقيل: هو المنعم الّذى كلّ أفعاله إحسان و إنعام لا يجرّ به نفعا و
لا يدفع به ضررا، و قيل: هو الّذى يعطى ما عليه و ما ليس عليه و لا يطلب ماله، و
قيل: هو الّذى يقبل اليسير و يعطى الكثير، و قيل: إنّ من كرمه سبحانه أنّه لم يرض
بالعفو عن السّيات حتى بدّلها بالحسنات.
و اختلفوا في
جهة تخصيص كريميّته بالذّكر دون ساير أسمائه و صفاته فقيل: لأنّه كأنّه لقّنه
الاجابة حتّى يقول: غرّني كرم الكريم، و قيل: للمنع عن المبالغة في الاغترار و
الاشعار بما به يغرّه الشّيطان فانّه يقول له افعل ما شئت فانّ ربّك الكريم لا
يعذّب أحدا و لا يعاجل بالعقوبة، و قيل: للّدلالة على أنّ كثرة كرمه مستدعى الجدّ
في طاعته لا الانهماك فى عصيانه اغترارا بكرمه.
و قال في
الكشاف:
فان قلت: ما
معنى قوله ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ و كيف طابق الوصف
بالكرم انكار الاغترار به و انّما يغترّ بالكريم.