أدحض مسئول حجّة، و أقطع مغترّ معذرة،
لقد أبرح جهالة بنفسه، يا أيّها الإنسان ما جرّأك على ذنبك، و ما غرّك بربّك، و ما
آنسك بهلكة نفسك، أ ما من دائك بلول، أم ليس من نومتك يقظة، أ ما ترحم من نفسك ما
ترحم من غيرك، فربّما ترى الضّاحي من حرّ الشّمس فتظلّه، أو ترى المبتلى بألم يمضّ
جسده فتبكي رحمة له، فما صبّرك على دائك، و جلّدك بمصابك، و عزّاك عن البكاء على
نفسك، و هي أعزّ الأنفس عليك، و كيف لا يوقظك خوف بيات نقمة و قد تورّطت بمعاصيه
مدارج سطواته، فتداو من داء الفترة في قلبك بعزيمة، و من كرى الغفلة في ناظرك
بيقظة، و كن للّه مطيعا، و بذكره آنسا، و تمثّل في حال تولّيك عنه إقباله عليك،
يدعوك إلى عفوه، و يتغمّدك بفضله و أنت متولّ عنه إلى غيره. فتعالى من قويّ ما
أكرمه، و تواضعت من ضعيف ما أجرأك على معصيته و أنت في كنف ستره مقيم، و في سعة
فضله متقلّب، فلم يمنعك فضله، و لم يهتك عنك ستره، بل لم تخل من لطفه مطرف عين في
نعمة يحدثها لك، أو سيّئة يسترها عليك، أو بليّة يصرفها عنك، فما ظنّك به لو
أطعته، و أيم اللّه لو أنّ هذه الصّفة كانت في