و الثّالث في
بيان أوصاف الذّاكرين و الاشارة إلى مقاماتهم الجليلة و مقاومهم المحمودة.
اما الفصل
الاول
فهو قوله
7 (إنّ اللّه سبحانه جعل الذّكر جلاء للقلوب) المراد بالذّكر هنا مطلق
الذكر من التسبيح و التهليل و التّحميد و الدّعاء و المناجاة و تلاوة الكتاب
الكريم و نحوها، فانّ المداومة عليها باللّسان مع حضور القلب و توجّهه إليها توجب
صفاء القلب و نوره و جلائه و طهارته و نقائه من ظلمة الذّنوب و رين المعاصي و
الغواشي كالمرآة المجلوّة الّتى ليس عليها شيء من الكدر.
و ذلك لما
عرفت في شرح الكلام المأتين و السّادس عشر أنّ الاستغراق في الذكر و المداومة عليه
يصرف القلب عمّا سوى اللّه إلى اللّه عزّ و جلّ، فلا يبقى فيه مجال للتّوجه إلى
الدّواعي النفسانيّة و لا محلّ لطرد الوساوس الشّيطانيّة التي هي منشأ الذّنوب و
مبدء ظلمات القلوب.
و قد تقدّم
في التّنبيه الثاني من شرح الفصل السّادس من فصول الخطبة الثانية و الثمانين كيفية
مطاردة جنود الملائكة و الشياطين في القلب و غلبتهم على الشياطين و ابعادهم لهم عن
القلب بالمداومة على الذّكر و الطاعة، و مضى هناك مطالب نفيسة نافعة فى المقام.
و قوله 7 (تسمع به بعد الوقرة) يعنى يكون الذكر سببا لكون القلوب سميعة بعد
صممها أى مستعدّة لاستماع كلام اللّه و كلام الأنبياء و الدّعاة إلى اللّه و
استفادة الكمالات و القربات منها بعد ما كانت قاصرة عنها.
(و تبصر به
بعد العشوة) أى يكون سببا لكونها بصيرة بعد عشاها و ضعف