استعاره بالكنايه- استعارة تبعيّة (و كم أكلت الأرض من عزيز جسد و أنيق لون)
إمّا استعارة بالكناية تشبيها للأرض بالاكل و اثبات الاكل تخييلا، أو استعارة
تبعيّة كما في نطقت الحال بكذا تشبيها لا فناء
الأرض لأجزاء الميّت و استحالتها لها بالتراب بأكلها لها،
فاستعير الأكل للافناء و دلّ على الاستعارة بذكر الأرض، و المعني أفنت الأرض و
أبلت كثيرا كثيرا من ميّت طرىّ البدن معجب اللون لصفائه و بياضه و اشراقه.
(كان في
الدّنيا غذّى ترف و ربيب شرف) أى غذّى و تنعّم بالتّنعّم الموجب لبطره و
طغيانه، و ربّي في عزّ و شرف و منعة.
(يتعلّل
بالسرور في ساعة حزنه) أى يتشاغل بما يسرّه و يتلهّى به عما يحزنه (و يفزع
إلى السّلوة إن مصيبة نزلت به) أى يلتجى إلى ما يسلى همّه و ينسيه إن أصابته
مصيبة (ضنّا بغضارة عيشه) أى لأجل بخله بسعة عيشه و طيبه (و شحاحة) و بخالة (بلهوه و
لعبه) حتّى لا يشوب لهما ما يكدّرهما.
(فبينا هو
يضحك إلى الدّنيا) ابتهاجا بها و شعفا بحبّها لجريانها على وفق مراده و تهيئتها
لمقدّمات عيشه و نشاطه (و تضحك الدّنيا إليه) ابتهاجا به لكونه من
أبنائها و الرّاغبين إليها و فرط محبّتها إيّاه، و حاصله تضاحك كلّ منهما و
اشتياقه إلى الاخر لمزيد المحابة و المعافاة بينهما (فى ظلّ عيش غفول) أى في دعة و
راحة و سعة عيش متّصف بكثرة الغفلة.
و المراد
غفلة صاحبه به كما في عيشة راضية، و قال الشارح المعتزلي: عيش غفول قد غفل عن
صاحبه، فهو مستغرق في العيش لم يتنبّه له الدّهر فيكدر عليه وقته قال الشّاعر:
كأنّ المرء في غفلات عيش
كأنّ الدّهر عنها في وثاق
- انتهى و لعلّ ما قلته أولى و دلالة الشعر
عليه أظهر استعاره (إذ وطيء الدّهر به حسكه) أى أوطاه حسكه أى أنشب
شوكه فيه و استعار الحسك لالام الدّهر و أسقامه و حوادثه الموجبة لأذاه كايجاب
الحسك للأذى مجاز (و نقضت الأيّام قواه) نسبة النّقض إلى الأيّام من التوسّع و
المراد به انحلال قواه النفسانيّة و ضعف جوارحه (و نظرت إليه
الحتوف من كثب)