لا يذهبنّ
عليك ممّا أوردته فى شرح هذا الكلام على طوله من الطّعن و التّعريض و الازراء على
الصّوفية و ابطال مذاهبهم و اضلال مشاربهم و اظهار مثالبهم و تسفيه أحلامهم و
تزييف مناقبهم و الاعلان بعداوتهم و الحكم بفسق طائفة و كفر الاخرين منهم، أنّا
منكرون لحسن العرفان باللّه و جاحدون لسلوك سبيل المعرفة معاندون للعارفين بالحقّ
الّذين سلكوا سبيل الهدى و نهوا النّفس عن الهوى و زهدوا فى الدّنيا و رغبوا فى
الأخرى و صدّقوا بالحسنى و شربوا من كأس المحبّة و خاضوا فى تيّار المعرفة فلم يكن
لهم همّ إلّا رضى المولى و النّيل إلى مقام الزّلفى و السّكنى فى حظاير القدس و
التّأنس فى محافل الانس مع النّبيّين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن اولئك
رفيقا و كيف لا و لم يكن بعث الأنبياء و الرّسل مبشرين و منذرين من لدن خلق آدم
7 أبى البشر إلى الختم بسيد المرسلين 6
إلّا لذلك المقصود فانهم على اختلاف شرايعهم و تفاوت مللهم و مذاهبهم لم يكن همّهم
الّا هما واحدا و هو جذب الخلق إلى الحقّ بالهداية إلى الصراط المستقيم، و
الدّلالة على النهج القويم، و التنحية عن الرزائل و التحلية بالفضايل، و الحثّ على
مكارم الأخلاق و الحضّ على إحياء العقول بالمعارف و الكمالات، و التأكيد فى اماتة
النفوس بالمجاهدة و الرّياضات فالعارف الحقيقى الذى يحقّ أن يسمّى بهذا الاسم هو
من اتّصف بهذه الكمالات لا من أخذ بالبدع و الضلالات، و من تبع فى أقواله و أفعاله
بالأئمة لا من قال: إنّا وجدنا آبائنا على امّة و إنّا على آثارهم لمهتدون.
و ان شئت أن
تعرف تفصيل أوصاف هذا الشخص الذى يليق بهذا الاسم فاعرف ذلك من تضاعيف خطب أمير
المؤمنين 7 لا سيّما الخطبة المأة و الثانية و التسعين الوارد فى شرح
حال المتّقين، و الكلام المأتين و الثامن عشر المسوق فى وصف حال العارفين