جذب الخلق إلى الحقّ و هدايتهم إلى
الصراط المستقيم و استقامة امورهم في المعاش و الماب و حصول هذا المطلوب إنّما هو
بوجودهم و حياتهم، فاهتداؤهم بنور هدايته يكون أحبّ إليه من موتهم على الضّلال.
و لذلك انّه
7 لمّا استبطأ أصحابه اذنه لهم في القتال بصفّين أجاب لهم بقوله
المتقدّم في الكلام الرّابع و الخمسين: و أمّا قولكم شكّا في أهل الشّام فو
اللّه ما دفعت الحرب يوما إلّا و أنا أطمع أن تلحق بى طائفة فتهتدى بى و تعشو إلى
ضوئى و ذلك أحبّ إلىّ من أن أقتلها على ضلالها و إن كانت تبوء باثامها.
و تخصيص قريش
بالذّكر لاقتضاء المقام و لمزيد حبّه لاهتدائهم بملاحظة الرّحم و القرابة.
و قوله (ادركت و
ترى من بنى عبد مناف) قال الرّاوندي في محكىّ كلامه:
يعنى طلحة و
الزّبير كانا من بنى عبد مناف و اعترض عليه الشارح المعتزلي بأنّ طلحة من
تيم بن مرّة و الزّبير من أسد بن عبد العزّى بن قصىّ، و ليس منهما أحد من بنى عبد
مناف و ولد عبد مناف أربعة: هاشم، و عبد شمس، و نوفل، و المطلب، فكلّ من لم يكن من
ولد عبد هؤلاء الأربعة، فليس من ولد عبد مناف، و ردّ بأنّهما من بنى عبد مناف من
قبل الأمّ لا من قبل الأب.
و كيف كان
فالمراد بقوله 7 ادركت و ترى أدركت جنايتى الّتي
جناها علىّ بنو عبد مناف، و المراد بتلك الجناية ما فعلوها بالبصرة من
قتل النّفوس، و نهب بيت المال و غيرها ممّا كان راجعا إليه 7 فانّ
الجناية على شيعته و بيت ماله جناية عليه.
استعاره
بالكنايه و قوله (و أفلتتنى أعيان بنى جمح) أى ساداتهم و أوتادهم و على كون أعيار
جمع عير بمعنى الحمار فهى استعارة بالكناية حيث شبّهوا بحمر مستنفرة فرّت من
قسورة.
قال الشارح
المعتزلي: بنو جمح من بنى حصيص بن كعب بن لوى بن غالب و اسم جمح تيم بن عمرو بن
حصيص، و قد كان مع عايشة منهم يوم الجمل جماعة