له الدّين» «فمن كان يرجو لقاء ربّه
فليعمل عملا صالحا و لا يشرك بعبادة ربّه أحدا».
(و انّ من
أسخف حالات الولاة عند صالح الناس ان يظنّ بهم حبّ الفخر).
لظهور مخائل
حبّه عليهم، و ذلك لضعف عقولهم و حبّهم للجاه و المنزلة عند الناس و للثناء و
المحمدة منهم.
و النكتة في محبتهم
لذلك هو ارتياح النفس و التذاذ القلب به و ميل الطبع اليه بسبب استشعار الكمال من
قول المادح، و ذلك لأنّ الكمال محبوب، و كلّ محبوب فادراكه لذيذ، فمهما شعرت النفس
بكمالها ارتاحت و تلذّذت فالمدح يشعر نفس الممدوح بكمالها.
فانّ الوصف
الذى يمدح به إما أن يكون جليا ظاهرا كوصفه بأنه طويل القامة و حسن الوجه، أو خفيا
مشكوكا كوصفه بالقدرة و الشجاعة و السخاوة، و الالتذاذ بالأوّل أقلّ و بالثاني
أعظم، لأنّ الانسان ربما يكون شاكا في كمال قدرته و شجاعته و سخاوته، و بمدح غيره
له بذلك يرتفع شكه و يحصل له الطمأنينة باستشعار ذلك الكمال، فتعظم لذّته لا سيما
إذا كان المادح من أهل الخبرة فهذا هو النكتة في حبّ الجاه و الفخر و الثناء.
و أيضا فانّ
المدح يدلّ على حشمة الممدوح و اضطرار المادح إلى اطلاق اللسان بحمده، و مدحه إما
عن طوع أو عن قهر و الحشمة أيضا لذيذة لما فيها من القهر و القدرة و السلطنة، و
هذه اللّذة تحصل و إن كان المادح في الباطن غير معتقد بما مدح به لأنّ اضطراره إلى
مدحه و وصفه نوع قهر و استيلاء عليه، فيورث ذلك حبّ الولاة للمحمدة و الثناء.
و إنما جعله
من أسخف الحالات، لأنّ من غلب على قلبه حبّ الجاه و المنزلة و الفخر صار همته
مقصورا على ملاحظة الخلق و مراعاتهم فى أقواله و أفعاله ملتفتا إلى ما يوجب وقعه
فى نظرهم و منزلته عندهم و رضائهم منه رجاء لمدحهم و خوفا من ذمّهم و هذا من محض
ضعف العقل و قصوره.