الظاهر أنّ هذا الرّجل كان الخضر 7
و قد جاء في مواطن كثيرة و كلّمه 7 لاتمام الحجّة على الحاضرين، و قد
أتى بعد وفاته 7 و قام على باب داره و بكى و أبكى و خاطب 7
بأمثال تلك الكلمات و خرج و غاب عن النّاس.
أقول: و
يؤيّده ما يأتي في رواية الكافي من أنّه لم يكن رأي في عسكره 7 قبل هذا
اليوم و لا بعده، و كيف كان فلمّا سمع 7 كلامه (فقال 7) مجيبا له:
(إنّ من
حقّ من عظم جلال اللّه في نفسه و جلّ موضعه من قلبه أن يصغر عنده لعظم ذلك كلّ ما
سواه) فانّ من كمل معرفته باللّه و شاهد عظمته و جلاله و كبرياءه لا يبقى
لغيره وقع في نظره، لما ظهر من جلاله تعالى كما قال رسول اللّه 6 في ما رواه عنه 6 في احياء العلوم: لا يبلغ
عبد حقيقة الايمان حتّى ينظر النّاس كالأباعر في جنب اللّه ثمّ يرجع إلى نفسه
فيجدها أحقر حقير.
(و انّ
أحقّ من كان كذلك لمن عظمت نعمة اللّه عليه و لطف احسانه اليه) يعني أحقّ
النّاس بتعظيم جلال اللّه و تصغير ما سواهم الأئمّة : لعظم نعمة اللّه
عليهم و كمال معرفتهم بجلال ربّهم، فحقّ اللّه تعالى عليهم أعظم من غيرهم فينبغي
أن يصغر عندهم أنفسهم فلا يحبّوا الثناء و الاطراء.
أو أنّ من
عظمت نعمه و لطفه و احسانه إليه فهو أحقّ و أجدر بأن يعظم جلال اللّه و يجلّ محلّه
في قلبه، و من كان كذلك فيضمحلّ عند ملاحظة جلاله و مشاهدة عظمة غيره، فلا يكون له
التفات و توجّه إلى الخلق في أعماله حتّى يطلب رضاءهم و مدحهم و ثناءهم.
و من هنا لما
قال الحواريّون لعيسى 7 ما الخالص من الأعمال؟ فقال: الّذى يعمل للّه
تعالى لا يحبّ أن يحمده عليه أحد.
و قال بعضهم:
الاخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق فقط، و قال آخر: هو اخراج الخلق
عن معاملة الرّب.
و يؤيّد
الثّاني تعليله بقوله (فانّه لم تعظم نعمة اللّه على أحد إلّا ازداد حقّ
اللّه عليه عظما) و أعظم حقّه هو الاخلاص كما قال «و ما امروا إلّا ليعبدوا اللّه
مخلصين