36- و أمّا حقّ الخليط فان لا تغرّه و لا
تغشّه و لا تكذبه و لا تغفله و لا تخدعه و لا تعمل في انتقاضه عمل العدوّ الذى لا
يبقى على صاحبه و إن اطمأنّ إليك استقصيت له على نفسك و علمت أنّ غبن المسترسل ربا،
و لا قوّة إلّا باللّه.
37- و أمّا
حقّ الخصم المدعى عليك فان كان ما يدّعى عليك حقا لم تنفسخ في حجّته و لم تعمل فى
إبطال دعوته و كنت خصم نفسك له و الحاكم عليها و الشاهد له بحقه دون شهادة الشهود،
فانّ ذلك حقّ اللّه عليك و إن كان ما يدّعيه باطلا رفقت به و روعته و ناشدته بدينه
و كسرت حدته عنك بذكر اللّه و ألقيت حشو الكلام و لغطه الذى لا يردّ عنك عادية
عدوّك بل تبوء باثمه و به يشحذ عليك سيف عداوته لأنّ لفظة السوء تبعث الشر و الخير
مقمعة للشرّ، و لا قوّة إلّا باللّه.
38- و أمّا
حقّ الخصم المدّعى عليه فان كان ما تدّعيه حقا أجملت في مقاولته بمخرج الدّعوى،
فانّ للدّعوى غلظة في سمع المدّعى عليه و قصدت قصد حجتك بالرّفق و امهل المهلة و
أبين البيان و ألطف اللّطف و لم تتشاغل عن حجتك بمنازعته بالقيل و القال فتذهب عنك
حجّتك و لا يكون لك في ذلك درك، و لا قوّة إلّا باللّه.
39- و أمّا
حقّ المستشير فإن حضرك له وجه رأى جهدت له في النصيحة و أشرت إليه بما تعلم أنك لو
كنت مكانه عملت به، و ذلك ليكن منك في رحمة و لين فانّ اللين يونس الوحشة و إنّ
الغلظ يوحش موضع الانس، و إن لم يحضرك له رأى و عرفت له من تثق برأيه و ترضى به
لنفسك دللته عليه و أرشدته إليه فكنت لم تأله خيرا و لم تدّخره نصحا، و لا قوّة
إلّا باللّه 40- و أمّا حقّ المشير عليك فلا تتّهمه فيما يوافقك عليه من رأيه إذا
أشار عليك فانما هي الاراء و تصرّف النّاس فيها و اختلافهم فكن عليه في رأيه
بالخيار إذا اتّهمت رأيه فأمّا تهمته فلا تجوز لك إذا كان عندك ممّن يستحقّ
المشاورة و لا تدع شكره على ما بدا لك من إشخاص رأيه و حسن وجه مشورته فاذا وافقك
حمدت اللّه و قبلت ذلك من أخيك بالشكر و الارصاد بالمكافاة في مثلها إن فزع إليك و
لا قوّة إلّا باللّه.